الخير في صعيد مصر، رحلة معايشة مع عمال الشحن بموسم حصاد القصب بقنا (فيديو) ,
«بالوجوه الشاحبة، تظهر علامات الزمن على جباه عمال حصاد القصب. لقد اكتسبوا اللون البني من احمرار الشمس، وفي أعماق البرد يتصبب العرق على وجوههم. والبسمة على وجوههم في مواجهة أصعب المواقف. يتقاسمون لقمة الخبز وقت الغداء، يداعبون أشعة الشمس التي تضفي عليهم لون البؤس”. يتبادلون الضحك وهم راضون. يرفعون أيديهم إلى رب السماء وهم يهمسون بكلمة “يا رب” ليساعدهم على إكمال الطريق الصعب.
ويخوض “فيتو” رحلة معيشية مع عمال “الشحانة” الجنود المجهولين، في رحلة لجني القصب من حقول الصعيد بمحافظة قنا.
عيون لا تخاف
وعندما تصل إلى حفرة القصب تجد عدداً من الأطفال يحملون أعواد القصب ويضعونها على أكتاف الكبار، وكأنها رحلة عذاب لا نهاية لها من حفرة قصب إلى أخرى.
وقال صابر الشحات، عامل أحمد الشهانة، إنه يعمل منذ الصباح الباكر، حيث يبدأ العمل في تمام الساعة الثامنة صباحًا. وبعد أن ينتهي عمال قصب السكر من العمل، يبدأ عمله الخاص، وهو تحميل المحصول من غيتان في سيارات لنقله إلى مصنع السكر.
وأضاف: “المحصول هذا العام لم يكن كما كان عليه بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة، الأمر الذي أثر على الجميع وجلب الديون على المزارعين، وبالتالي لم يعد المحصول هو ما كان ينتظره المزارعون ليفرحوا، نصب الصوان وتحمل صواني الأعراس، بل تحولت إلى سرادق عزاء بسبب الديون الكبيرة على المزارعين”.
ارتفاع أسعار عمال «الشحن».
وأضاف سيد محمد، أحد عمال الشاحنة، أن أسعار الشاحنة اختلفت كثيراً عن السابق. وقبل ذلك كان السعر اليومي 8 جنيهات. أما اليوم فقد أصبح من 30 إلى 40 جنيهاً على حسب العمل. هناك أشخاص يعملون من الثامنة صباحاً حتى السادسة مساءً.
وأكد يحيى محمود أحد العمال أن الرفع ثقيل ولا يستطيع الكثيرون القيام به، خاصة أن جميع العاملين في هذه المهنة يعانون من آلام الظهر والفقرات والقدمين بسبب حمل أكوام القصب على أكتافهم وتسلق الخشب. سلالم متحركة.
طفولة لا تعرف الحياة في قنا
طفل يبلغ من العمر 11 عاماً، جلس على عربة نقل القصب ليختبئ من احمرار الشمس وهو يأكل القصب، يردد: “هو في وظيفة مختلفة وقلنا لا”.
ويؤكد صبري محمد أحمد، وهو طفل عامل، أن العمر أصبح بالنسبة لنا مجرد رقم مكتوب على الأوراق الرسمية. ما نعيشه يفوق الأرقام المكتوبة، والبؤس الذي يتشبث بنا أصبح رقمنا الحقيقي. نعيش طفولتنا بين أشجار القصب. نستيقظ للبحث عن المعرفة والعمل كطريقنا للحياة. نحلم باليوم الذي نجني فيه المال ونكتسب القليل من المعرفة.
وقال محمود طه وأعينه تحلق إلى السماء: “نحن مادة جيدة للحزن. نعيش أياماً صعبة ولا نحصل من الحياة إلا على القليل، ولا نحلم إلا بالرزق الذي نستطيع أن نعود به إلى عائلاتنا التي تنتظر على الجمر”.
كما تحدث ثروت محمد، وهو ابن في العاشرة من عمره، قائلاً: “أذهب إلى المدرسة صباحاً وأعود للعمل في غيطان ظهراً، وبعدها نعود إلى منازلنا في المغرب. نحن نأكل وننام ونكمل طريقنا في الصباح بنفس الحالة، ولكن الحمد لله نحن في حالة أفضل بكثير من غيرنا”.
تعد محافظة قنا الأولى على مستوى الجمهورية في إنتاج السكر من خلال 3 مصانع لتكرير وإنتاج السكر في مدن نجع حمادي ودشنة وقوص. وتبلغ المساحة المزروعة بقصب السكر بالمحافظة نحو 120 ألف فدان تمثل نحو 35% من إجمالي المساحة المزروعة بالقصب بالجمهورية وتنتج نحو 3 ملايين. وينتج الطن الواحد من القصب الخام حوالي 300 ألف طن من السكر سنوياً.
تبدأ مراحل إنتاج السكر بعمليات التحميل والتفريغ والعصر والمعالجة الكيميائية والحرارية والتصفية وفصل الرواسب والتبخر والطبخ والتبلور وفصل السكر والتجفيف والتعبئة والتخزين. إن استمرار العمل والإنتاج هو السبيل الوحيد لمصر لتحقيق مكانتها المستحقة بين مصاف دول العالم.
ولا تألو الدولة جهداً في تطوير زراعة قصب السكر من خلال التجارب والأبحاث التي تجريها المراكز البحثية لزراعة أصناف جديدة ذات إنتاجية عالية ومقاومة أفضل للأمراض والآفات.