تكريم أسامة السعيد في بيته ,
كرمت كلية الإعلام جامعة القاهرة هذا الأسبوع أحد أبنائها البارزين، الإعلامي الكبير الدكتور أسامة السعيد مدير تحرير جريدة الأخبار، لعلمه الغزير، وسعيه الدائم على تثقيف الأجيال الجديدة، وجهوده خبرة كبيرة في بلاط صاحبة الجلالة، بالإضافة إلى شخصيته اللطيفة.
عرفت صديقي العزيز الدكتور أسامة السعيد صحفيا تحقيقيا من الطراز الأول، وموهبة غامرة، ومولعا بكتابة التحقيقات الصحفية الجريئة، وهو شغفي. اخترته لسنوات من حياتي في تاريخي الصحفي. كنت رئيساً لقسم الصحافة الاستقصائية لسنوات طويلة في مجلتي العزيزة آخر ساعة، والصحفي الذي لم يمارس التحقيقات الصحفية فاته الكثير.
كما يتميز بالتفكير الاستراتيجي، ويتمتع بحس وطني عالٍ جداً، ويمتلك شبكة قوية من المصادر، ومنشغلاً بالتطوير المهني المستمر، وله طلاب في العديد من المنشورات، ويمتلك كافة مهارات العمل الصحفي الاحترافي، وملتزم بـ المهنية بكل مبادئها، ويمارس عمله بكل مصداقية وموضوعية، وفوق كل ذلك فهو إنسان. راقية ومؤدبة جداً..
وها هو الكاتب الكبير الدكتور أسامة السعيد يروي ذكرياته الجميلة التي لا تنسى داخل بيته الحبيب، عندما قضى سنوات طويلة باحثا في طلب العلم، عائدا بذاكرته الصلبة إلى دروب شبابه، مؤكدا مع وتواضعه الشديد أن هذا التكريم لا يخصه وحده، بل يتوج لكل جيله.. فلنستمتع بتعليقه. في لحظات تكريمه:
ما أجمل أن يأتيك الشرف من منزلك الذي قضيت فيه أجمل سنوات عمرك. ما أجمل أن يأتي التقدير من أساتذتك الذين درست على أيديهم، والذين أصبحت كلماتهم ومواقفهم جزءا من عقلك ووجدانك. ما أجمل أن تسترجع شريط ذكريات يتجاوز ربع قرن، من طالب يركض خلف حلمك القديم في أن تكون صحفيا، ثم باحثا يتابع العلم والعبادة في حرمه، ويعود إلى دروب الشباب كما محاضرًا لبعض الوقت ومشاركة في أنشطة علمية تسكب فيها بعضًا مما تراكم في ذهنك وخبرتك عبر السنين.
اليوم أعود إلى وطني الحبيب.. إلى كلية الإعلام بجامعة القاهرة، الوطن الذي اخترته وكان مقر إقامتي لسنوات طويلة. أعود لأحظى بشرف هو الأعز على قلبي، وبين أساتذتي الذين لا أزال أفتخر بأنني درست منهم، والذين رغم كل هذه السنوات ما زالوا يملؤونني وأنا أقف أمامهم. مشاعر ذلك الشاب الذي جاء إلى الكلية عام 1997، ولحظات الرهبة وأنا أناقش رسالة الماجستير عام 2011، ثم عدت إلى قاعات الكلية التي كانت شهدت لحظات العلم والتمرد والانطلاق بعد الأحلام لمناقشة رسالتي للدكتوراه عام 2017.
واليوم وفي احتفال الكلية بتخريج دفعة جديدة من طلابها يتم تكريمي كأحد خريجيها. ورأى أساتذتي أنني قد حققت شيئاً يستحق التكريم، ولم أكن إلا تلميذاً مخلصاً لما تعلمته، وطالباً – وما زلت – يسير في طريق لا نهاية له نحو العلم الذي لا يكاد ينهل منه إلا ليزداد. متعطش.
وأقيم حفل التكريم بقاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة. جلست لأنظر إلى وجوه الأساتذة. ذهبت إليهم لأصافحهم وأنحني لهم شاكراً. تأملت وجوه الطلاب الفخورين بثوب التخرج، واستعدت تلك المشاعر التي عرفتها منذ أكثر من 23 عاماً. نظرت إلى مقعدي الذي كنت أجلس عليه في حفل التخرج. وأفكر في كل تلك السنوات التي مرت، وأشعر وكأنني لم أغادر هذا المقعد إلا قبل يوم أو نحو ذلك.
أشعر أن هذا التكريم لا يخصني وحدي، بل يتوج جيلي بأكمله، رفقاء الحلم والنضال في بلاط صاحبة الجلالة، أولئك الذين يتمسكون بالعهد ويجتهدون بمهنية لتحقيق الأحلام القديمة، والذين لم يهملوا قيمهم أو التباطؤ في سعيهم.
شكرًا لكلية الإعلام بجامعة القاهرة على هذا التكريم، شكرًا أساتذتي لأنهم أحسنوا الظن بي، شكرًا على كل وفرة الذكريات الجميلة التي أعادني إليها هذا اليوم الدافئ الذي تنعمت من خلاله بالرحيق من أجمل أيام حياتي.