يُظهر التحديث الأخير أن النمو العالمي سيتباطأ من 2.8% في عام 2023 إلى 2.4% في عام 2023 في حين كان التقدير السابق أن يتباطأ النمو إلى 2%، لذلك أصبحنا أكثر إيجابية بشأن آفاق النمو في عام 2023، ويرجع ذلك أساسًا إلى أداء الاقتصاد الأمريكي الذي أصبح أفضل من التوقعات.
ولكن مع التطلع إلى عام 2024، نعتقد الآن أن النمو سيتباطأ أكثر من التوقعات السابقة التي تشير إلى تباطؤ النمو إلى 2.2% ولكن الآن من المحتمل أن يتراجع إلى 1.9%، وهذا إلى حد كبير لأننا نعتقد أن الاقتصاد الأمريكي سيصيبه الركود بحلول نهاية عام 2023.
الولايات المتحدة: تأخر الركود
كانت الأمور تسير بشكل أفضل من التوقعات بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، وهذا يعني وجود سوق عمل قوي وأن العديد من الأشخاص يعملون حتى يتمكنوا من الإنفاق مما يؤدي بدوره إلى النمو الاقتصادي، وكان ذلك أقوى من التوقعات السابقة، لهذا من المرجح أن يتوسع الاقتصاد الأمريكي بمعدل 1.5% خلال هذا العام.
ومع ذلك، فإن أسعار الفائدة المرتفعة والتي تبلغ حاليًا 5.25% ستجعل الأمر أكثر تكلفة بالنسبة للاقتراض، وبما أن أشياء مثل الرهون العقارية والقروض الأخرى تجتذب الآن مدفوعات فائدة أكبر سيكون لدى الناس أموال أقل للإنفاق في الاقتصاد، وسيؤدي هذا إلى تقليص الإنفاق وبالتالي الحد من النمو الاقتصادي، ونعتقد أن مثل هذا الانخفاض في الإنفاق والنمو سيحث الاقتصاد الأمريكي أن يبدأ في الانكماش وينزلق إلى ركود معتدل مع نهاية عام 2023.
هذا ويستفيد المستثمرين من تغير معدل التضخم من خلال الاستثمار في منصات التداول مثل ايزي ماركتس وغيرها وفي الوقت نفسه، من المرجح أن يتراجع التضخم إلى درجة أن البنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون قادرًا على خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس قبل نهاية العام وخفضها إلى 3.50% في عام 2024، وهذا من شأنه سيساعد الاقتصاد الأمريكي على الخروج الركود لكنه سيترك نمو الناتج المحلي الإجمالي ثابتًا في عام 2024.
أوروبا: تضخم أعلى مما كان متوقعا
على الرغم من انخفاض أسعار الطاقة بشكل أكبر والذي أدي إلى تخفيف بعض الضغط على التضخم، إلا أن ارتفاع تضخم المواد الغذائية والخدمات يعني أنه من المرجح أن يكون التضخم الإجمالي أعلى مما التوقعات السابقة، من المتوقع أن يبلغ متوسطه 5.6% في عام 2023 و 2.4% في عام 2024، ونتيجة لذلك قد يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة إلى 4.25%.
في حين أن أسعار الفائدة المرتفعة ستؤثر على النمو الاقتصادي، كما وصفنا أعلاه، فإن أداء اقتصاد منطقة اليورو أفضل مما التوقعات وبالتالي فإن هذا سيعوض السحب عن المعدلات المرتفعة، على هذا النحو، نتوقع أن يتوسع الاقتصاد بنسبة 0.6% في عام 2023 وبنسبة 0.9% في عام 2024، ومن المحتمل أن يُخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة إلى 2.5% بحلول نهاية العام القادم.
المملكة المتحدة: تم تجنب الركود لكن نقاط الضعف لا تزال قائمة
من المتوقع الآن أن يتجنب الاقتصاد البريطاني الركود الفني (عندما ينكمش الاقتصاد لربعين متتاليين أو أكثر)، لكننا ما زلنا نعتقد أنه سيظل راكداً لمعظم هذا العام قبل أن يتحسن إلى 0.9% في العام القادم.
وفي الوقت نفسه، استمر تضخم أسعار المواد الغذائية لفترة أطول من المتوقع، لذلك قد يظل تضخم مؤشر أسعار المستهلك (CPI) مرتفعًا نسبيًا بمتوسط 7.6% في عام 2023 قبل أن يتراجع إلى 3.6% في عام 2024، واستجابة لذلك، قال بنك إنجلترا (BoE) ) من المرجح أن ترفع المعدلات بمقدار 50 نقطة أساس أخرى هذا العام لتصل إلى ذروة 5%، ولكن مع تراجع التضخم في العام القادم نحو الرقم المستهدف من المحتمل أن تخفض لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة إلى 3.25% على مدار العام المقبل.
الأسواق الناشئة: الانتعاش غير المتوازن في الصين في طريقه إلى التلاشي
كان أداء الاقتصاد الصيني أفضل مما توقعه معظم الناس في بداية عام 2023 ونعتقد أنه سيستمر في تحقيق نمو جيد في أواخر العام.
على النقيض من ذلك، نتوقع أن تواجه معظم اقتصادات الأسواق الناشئة الكبرى الأخرى فترة نمو أبطأ حيث أثرت الزيادات الحادة في أسعار الفائدة خلال العام الماضي على النشاط الاقتصادي، لذلك نتوقع أن يتباطأ نمو الأسواق الناشئة من 4.4% في 2023 إلى 3.9% في 2024.
سيناريوهات المخاطر التي يجب مراقبتها:
لبعض الوقت رأينا أن الركود التضخمي (عندما يرتفع التضخم بينما يتباطأ النمو) يشكل أكبر تهديد للاقتصاد العالمي، لكن في الآونة الأخيرة، أصبحت المخاطر التي يتعرض لها كل من النمو والتضخم أكثر توازناً.
لدينا سيناريوهات تمثل خطرًا على الحالة الأساسية للاقتصاد العالمي:
1 .السيناريو الأكثر احتمالا هو “تضخم جانب العرض”: في هذا السيناريو يظل سوق العمل قويًا مما يؤدي إلى بقاء تضخم الأجور مرتفعًا وينتج عنه ارتفاع التكاليف بالنسبة للشركات التي تقوم بدورها برفع أسعارها، مما يساهم في زيادة التضخم في الاقتصاد، يتطلب سيناريو “الركود التضخمي” هذا ارتفاعات أكثر حدة في أسعار الفائدة لعكس ضغط التضخم.
2 .السيناريو التالي الأكثر احتمالاً هو سيناريو “مرونة المستهلك”: يرى هذا السيناريو أن الأسر تنفق المزيد من مدخراتها مما يؤدي إلى ارتفاع التضخم، ولكن له أيضًا تأثير إيجابي على النمو.
3 .ثم لدينا سيناريو يتوقع “هبوطًا ناعمًا” للنمو العالمي: بعبارة أخرى يتباطأ النمو ولكن ليس بمقدار إشكالي ويعود العمال إلى سوق العمل، مع زيادة المعروض من العمال لا يظل تضخم الأجور مرتفعًا كما هو الحال في “تضخم جانب العرض”، ولكن يتم تعزيز الإنتاجية الاقتصادية مما يدعم بدوره نموًا أفضل.
4 .السيناريو الأخير لدينا يسمى “الأزمة المصرفية تتعمق”: تمت إضافة هذا السيناريو استجابة للأحداث التي شهدتها البنوك الأمريكية الإقليمية في الأشهر الأخيرة، يفترض هذا السيناريو أن المزيد من البنوك الإقليمية تواجه انهيارًا، ويتوقف باقي النظام المصرفي عن الإقراض ويتباطأ الطلب الاقتصادي، ينتشر هذا إلى دول أخرى ونعتقد أنه سيؤدي إلى خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة لوقف الأزمة.