جولة مكوكية للصين في أفريقيا: أهداف توسعية في مصر وتونس؟ ,
وسرعان ما تبدأ الصين، مع بداية العام الجاري، عبر وزير خارجيتها وانغ يي، جولة مكوكية نحو القارة الأفريقية، أفريقيا، تستمر لنحو أسبوع. ومن هي الدول المشمولة بالإضافة إلى مصر وتونس؟ ماذا وراء هذه الجولة؟
يبدأ وزير الخارجية الصيني وانغ يي، غداً السبت، جولة أفريقية تستمر حتى 18 يناير الجاري، وتشمل 4 دول منها دولتان عربيتان مصر وتونس، بالإضافة إلى دولتي توجو وكوت ديفوار.
وفي الواقع، تأتي الزيارة في إطار عادة سنوية اتبعتها الصين منذ أكثر من ثلاثة عقود، وتحديدا في عام 1991، حيث تحرص بكين على افتتاح جولتها الدبلوماسية الأولى كل عام بزيارة إلى القارة الأفريقية.
وفي يناير 1991، قام وزير الخارجية الصيني تشيان تشي تشن بزيارة رسمية إلى إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا، ومنذ ذلك الحين، قام وزراء الخارجية الصينيون المتعاقبون بزيارة القارة الأفريقية في بداية كل عام.
ما وراء الهدف الاقتصادي للجولة الصينية؟
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ في بيان صحفي وتأتي زيارة وانغ يي، أمس الخميس، استجابة لدعوة من الدول الأربع، وتهدف إلى تعزيز تنفيذ مخرجات حوار القادة لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي (فوكاك)، والتنسيق مع الدول الإفريقية بشأن ومن المقرر عقد دورة جديدة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي في وقت لاحق من هذا العام.
وأشار نينغ إلى أن الزيارة تأتي أيضا استجابة لتوجيهات الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي اقترح في الحوار بين قادة الصين وأفريقيا العام الماضي، 3 إجراءات تعاون جديدة لدعم التصنيع والتحديث الزراعي ورعاية المواهب في أفريقيا. القارة الأفريقية.
وذكرت صحيفة جلوبال تايمز الصينية المملوكة للدولة أن زيارة هذا العام للدول الأربع تسلط الضوء على اهتمام الصين المتزايد بالوضع الأمني في شمال أفريقيا على خلفية التداعيات المحتملة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وبحسب الصحيفة، فإن اختيار زيارة شمال أفريقيا تحديدا يعكس أيضا قلق الصين المتزايد بشأن الوضع الأمني في الشرق الأوسط والبحر الأحمر، وأن استمرار تصاعد التوترات في المنطقة يهدد الممر الآمن لشريان حياة مهم للبحر الأحمر. الاقتصاد الدولي وينذر بتوسيع الصراع.
وفي هذا السياق، أشار الباحث الصيني في العلاقات الدولية وانغ تشي بينغ، بحسب تقرير لصحيفة العربي الجديد اللندنية، إلى أهمية غرب أفريقيا بالنسبة للصين، قائلا إن “تلك المناطق شهدت سياسيا التقلبات والاضطرابات خلال السنوات الماضية، وانعكس ذلك على الأمن والاستقرار”. وأضاف أن دول المنطقة، مثل توغو وكوت ديفوار، واجهت تحديات كبيرة تتعلق بمسار التنمية، وبناء على ذلك، تأتي زيارة وانغ يي لتأكيد الدعم الصيني في إطار خطة استراتيجية تهدف إلى بناء مجتمع. بمستقبل مشترك.”
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الصيني تشي جيانغ، بحسب تقرير الصحيفة اللندنية، “لا يمكن إغفال البعد الاقتصادي لجولة وزير الخارجية في أفريقيا، ويمكن قراءة ذلك من منظور المنافسة الصينية الأمريكية، خاصة وأن واشنطن تتنافس مع بكين على النفوذ في القارة الأفريقية وهذا ليس سرا”. واليوم، أصبحت الصين الشريك التجاري الرئيسي للدول الأفريقية.
وشهد العام الماضي نموا في حجم التبادل التجاري بين الصين والدول الأفريقية بنسبة 7.4 في المائة على أساس سنوي، وبلغ التبادل التجاري بينهما 1.14 تريليون يوان صيني، أي ما يقرب من 160 مليار دولار أمريكي، فقط خلال النصف الأول من عام 2023، وفقا لجيانغ.
الصين مع مصر.. قصة مبادلة الديون
وفي الواقع، لدى الصين مشاريع كبيرة في العديد من البلدان الأفريقية، وهي مستثمر رئيسي في مشاريع البنية التحتية والتعدين. ولذلك فإن زيارة وانغ يي ستشكل قوة دافعة جديدة للعلاقات الصينية الأفريقية، هدفها الأساسي زيادة نفوذ بكين في المنطقة، وربما واحدة من أهم الدول التي تسعى إلى بسط نفوذها فيها. هذه مصر وتونس.
وحتى الآن، وقعت 52 دولة أفريقية على الأقل ومفوضية الاتحاد الأفريقي اتفاقيات تعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق مع الصين، وحافظت بكين على مكانتها كأكبر شريك تجاري لأفريقيا لمدة 12 عاما على التوالي، واستثماراتها المباشرة في أفريقيا. وظلت القارة ثابتة على مدى العقد الماضي، مع أكثر من 1100 مشروع تعاوني مع الشركاء الأفارقة.
وفي مصر على سبيل المثال هو كذلك السعي لإطلاق اتفاقية مبادلة ديون مع الصين، حيث وصلت قبل أسبوعين إلى مرحلة متقدمة في المفاوضات بقيمة تتراوح بين 100 و120 مليون دولار، بحسب موقع “عربية بيزنس”، الذي أشار إلى أن البرنامج يهدف إلى تحويل الديون المستحقة للصين في مشاريع التنمية الخضراء ذات البعد الكبير. البيئية ابتداءً من عام 2024.
في 19 أكتوبر الماضي، وعلى هامش فعاليات الدورة الثالثة لمنتدى “الحزام والطريق” التي عقدت في العاصمة الصينية بكين، بحضور رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، وزير التعاون الدولي المصري، وقعت رانيا المشاط، مذكرة تفاهم لتبادل الديون مع رئيس الوكالة الصينية. للتعاون التنموي.
ويقتصر برنامج مبادلة الديون على القروض التنموية فقط، وليس القروض التجارية، في الوقت الذي تبلغ فيه ديون الصين التنموية المستحقة لمصر نحو 1.7 مليار دولار، وتحمل هذه القروض معدلات فائدة أقل من نظيراتها التجارية ولا تتجاوز 2% على الأكثر. بحسب القاهرة.
ومن المفترض مع بداية العام الجاري الانتهاء من الدراسات الخاصة بالمشاريع المدرجة في برنامج مبادلة الديون مع الصين، ومن ثم ستدخل مرحلة التنفيذ مباشرة، من خلال فتح حساب رسمي بين البلدين في البنك المركزي. مصر، حيث سيتم إيداع ما يعادل قيمة الدين بالجنيه المصري وتحويله إلى المشروعات. التنمية التي تتوافق مع المعايير البيئية.
مشاريع الصين في تونس
ومن جهة أخرى، تسعى تونس فعليا إلى تطوير الفرص التي توفرها الصين بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها في السنوات الأخيرة، وقد رحبت بكين بالطبع بذلك، وطورت البنية التحتية وغيرها في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، بما في ذلك تشييد مبنى بقيمة 21 مليون أورو قامت به السلطات التونسية. وتوجد في العاصمة أكاديمية مخصصة لتدريب الدبلوماسيين التونسيين والأفارقة.
وتأتي الأكاديمية الدبلوماسية المقدمة لتونس، إضافة إلى تسليم الصين المركز الاستشفائي الجامعي بصفاقس شرق تونس، والمركز الثقافي والرياضي ببن عروس بضواحي تونس. وتندرج هذه الخطوات ضمن استراتيجية تأثير تتجلى أيضا من خلال افتتاح «معهد كونفوشيوس» عام 2018 في «جامعة قرطاج»، حيث تضاعف بشكل واضح عدد الطلاب الذين يتعلمون لغة الماندرين هناك عامي 2021 و2022، بحسب تقرير سابق. بحسب صحيفة لوموند الفرنسية.
إضافة إلى ذلك، هناك مشاريع صينية أخرى في تونس، مثل تطوير منطقة لوجستية حول ميناء جرجيس جنوب شرق تونس مخصصة لخدمة ليبيا المجاورة، وبناء جسر يربط جزيرة جربة بالساحل الشرقي، وخط للسكك الحديدية. بين قابس وجرجيس، ناهيك عن مشروع صيني آخر لإنشاء ميناء مائي. في عمق النفيضة، مدينة تقع على بعد 100 كلم جنوب تونس العاصمة.
وحتى منتصف عام 2023، تحتل الصين المرتبة 35 بين المستثمرين الأجانب في تونس، حيث تمثل نسبة الاستثمارات الصينية المباشرة في تونس 0.08 بالمئة من إجمالي الأسهم، بحسب الأرقام الرسمية. لكن السياق الجيوسياسي يمكن أن يحرك الخطوط، خاصة وأن تونس انضمت رسميا إلى مشروع “طرق الحرير الجديدة” الصيني عام 2018، بحسب “لوموند”.
وبشكل عام، فإن الجولة المكوكية التي سيقوم بها وزير الخارجية الصيني لها هدف اقتصادي بالدرجة الأولى، وما تعرضه القنوات الرسمية من أن الجولة مرتبطة بالوضع الحالي ليس أكثر من كلام رسمي، لذا سيكون ثانوياً. لأن الأساس هو توسيع النفوذ الصيني في القارة الأفريقية بشتى الطرق.