رسالة باكية إلى السيد الرئيس ,
ولعل ما حدث لأرض جمعية الصحفيين بالسويس من هدم مباني شبه بدائية هو أمر شخصي لي ولنحو 500 صحفي شاركوا في الجمعية التي تحولت إلى جمعية اشترت ثلاثة آلاف وخمسمائة فدان من وزارة الزراعة، في صحراء السويس القاسية، بالقرب من نفق. الشهيد أحمد حمدي .
تمت عملية الشراء منذ أكثر من ربع قرن، وقد استلمها معظمنا قبل بضع سنوات. وهي أرض صحراوية وصفتها بالقاسية لأن بعضها صخري، وبعضها مالح، وبعضها مسطح، وبعضها مزيج من صخري ومالح.
معظم الصحفيين الذين اشتروا هذه الأرض وقاموا بالتقسيط كانوا من الشباب وقت الشراء، وعندما حصلوا عليها أصبحوا متقاعدين. وهذا يعني أنه لا المال ولا الصحة تكفي، ولا يجوز مهاجمة حي فيصل على أبنية بلا أسقف ولا أبواب ولا نوافذ، أو مساكن ذات إمكانيات محدودة، من أجل… يمكن لصاحب الأرض أن ينزل للراحة والإشراف محاصيله، ثم يعود إلى القاهرة.
هذه أرض صحراوية استصلحناها وليست الدولة، وأغلب أصحابها يزرعون الزيتون والليمون والقمح والتين والمانجو. وتمكن بالفعل نحو 500 صحفي مواطن مصري من الزراعة، فجاءت الجرافات وهدمت منازل حجرية شبه بدائية، بحجة أنها غير قانونية ومبنية على أراض زراعية. لم نبني على أرض استصلحتها الحكومة وأصبحت زراعية. نحن نبني على الرمال الخام، وأنفقنا المال والبناء واستصلحناها بأنفسنا.
وينص العقد المبرم بين الجمعية ووزارة الزراعة على أن لصاحب الأرض الحق في البناء على أرضه بنسبة 2%، وبما أن مساحة كل مالك 5 أفدنة فستكون مساحة البناء حوالي 400 متر، يستطيع أن يبني عليها بيتاً ومخزناً وغرفة للحارس وحظيرة للمواشي إذا أراد.
تمت إزالتها دون سابق إنذار
المشكلة أن الحصول على الترخيص يعني الحصول على حجر من سطح القمر، ومتاهة وتعطيل وخسارة الرسوم بين مهندس ومهندس، ورقة تكتمل ببطء، وملف يتوقف، وملف يتحرك بالدفع. .. أقصد الدفع الذاتي بالطبع!
هل تعتبر أراضي الاستصلاح أرضا زراعية ولا يجوز البناء عليها؟ هل هي الرمال والصخور التي تلقيناها؟ ولم نستقبلهم مستصلحة من الدولة أم خضراء من الدولة؟ بل استقبلناه كالرمل. أليس من حقنا البناء ضمن النسبة المحددة؟
هل يحق للحي أن يقوم بالإزالة فوراً دون سابق إنذار أو إعطاء مهلة؟ وقبل هذا، هل يفهم الحي الفارق الخطير جداً بين أرض يستصلحها صاحبها وهي رملية، وأرض يستردها مالك تستصلح بأموال الحكومة؟ فإن كان الأخير فالإزالة واجبة ووقعت المخالفة.
وقد أنفق أصحاب هذه الأراضي أموالهم لاستصلاحها وتحويلها من صحراء قاحلة، غالبا بدون ماء، ومحافظ السويس يعلم بأزمة الري ومياه الشرب كل صيف في هذه المحافظة، فكيف يسارع الحي إلى يهدمون مباني من الطوب الأبيض، وهي ليست بيوتاً ولا طوابق، بل طابق واحد، وربما سقف بدائي، ومنهم من أنفق الكثير على منزله فرحاً بإعادة البناء، فهدمه.
أنا شخصياً دمروا هيكل منزل لي بعت سيارتي من أجل بنائه. لم أتمكن من صنع سقف أو أبواب أو نوافذ بسبب ضيق اليد. بل كان لبنة على لبنة، مجرد هيكل عظمي في وسط أرضي!
رئيس الجمهورية يدعو إلى زراعة الأرض، وأصحاب القرار يماطلون في منح تراخيص بناء بيت صغير على الأرض حتى نتمكن من الاستمرار في زراعة الأرض. ويبقى السؤال: هل الأرض التي استلمناها رملاً واستصلحناها بأموالنا تعتبر أرضاً زراعية؟
لم تكن زراعية، ولم تكن في حضن النيل، بل في صحراء شديدة الوعورة وفي محافظة تكاد لا تمطر، ومع ذلك هدموا البيوت ودمروا نفسيات الناس. فهل يرضيك هذا فخامة الرئيس؟
منذ سنوات والناس لا يستطيعون الحصول على ترخيص، فأين يعيشون إذا نزلوا للإشراف على محاصيلهم من القمح والزيتون والفواكه؟
السرقات تلاحقنا، والجرافات تهدم بلا رحمة… ومع ذلك نحلم بأن نرى الأرض جنة خضراء… وشجرة نستريح تحتها راضين… شاكرين وسعيدين.