إشاراتٌ تحذيرية ترسلها علامات ارتفاع الغدة الدرقية عند حديثي الولادة، لاكتشاف فرط نشاط غدة الدرق عند الأطفال الرضع للأخذ بالإجراءات الطبية المناسبة، ومنعًا من حدوث خللٍ في عملها يلحقه اضطرابٌ بإفراز هرموناتها لينتج اضطرابًا في حياةِ الطفل بأكملها.
ينتج فرط نشاط الغدة الدرقية عن زيادة إفراز الغدة الدرقية لكميات هرمونها الدرقي (الثايروكسين). ويعتبر الأطباء أن إصابة الأطفال حديثي الولادة بارتفاع الغدة الدرقية نادرًا، لذا ترجع الإصابة به إلى بعض العوامل. ما هي هذه العوامل؟
وما هي أهم علامات وأعراض فرط نشاط الغدة الدرقية عند الأطفال حديثي الولادة؟ وكيف يجري الأطباء التشخيص المبكر عند المواليد؟ كل ذلك ستتعرفون عليه من خلال المقال التالي.
علامات ارتفاع الغدة الدرقية عند حديثي الولادة
تظهر أهم علامات فرط نشاط الغدة الدرقية لدى الجنين من خلال تسرع قلب الجنين (النبض أكبر من 160 / دقيقة). خاصةً إذا كان هناك دليل على فشل النمو.
وعادةً ما تظهر أعراض ارتفاع الغدة الدرقية على حديثي الولادة بعد مضي 10 أيام من الولادة. كما تعد الإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية لدى الأطفال حديثي الولادة إحدى الإصابات التي تتطلب التدخل الطبي الطارئ خوفًا من مضاعفات الإصابة الخطيرة.
أما بالنسبة للأطفال حديثي الولادة فتشمل العلامات والأعراض المميزة لارتفاع الغدة الدرقية لديهم ما يلي:
- عدم انتظام دقات القلب (تسرع الدقات).
- هيجان الطفل.
- تسرع في التنفس.
- انخفاض الوزن مع مشاكل في النمو.
- سوء التغذية.
- الأعراض الهضمية كالقيء والإسهال.
- بروز العينين.
- صغر حجم رأس الطفل، وشكله غير الطبيعي.
- تضخم الكبد والطحال في الحالات الشديدة.
ما هو ارتفاع الغدة الدرقية عند الأطفال حديثي الولادة
توصل العلماء إلى أن غالبية حديثي الولادة المصابين بارتفاع الغدة الدرقية (فرط نشاط الغدة الدرقية) هم أبناء لأمهات يعانين من واحدٍ من أمراض الغدة الدرقية المناعية كمرض جريفز.
ويعد فرط نشاط الغدة الدرقية لدى حديثي الولادة هذا والمعروف باسم مرض جريفز الوليدي في معظم الحالات عابرًا عند اكتشافه المبكر. وينتج عن انتقال المرض من الأم لجنينها من خلال مرور الأجسام المضادة لمستقبلات TSH المحفزة والتي ترتبط بمستقبل TSH وتحفز إنتاج هرمونات الغدة الدرقية لتنتقل عبر المشيمة إلى دم الرضيع.
ومن جهة أخرى، يعد فرط نشاط الغدة الدرقية غير المناعي الذاتي الدائم نادر الحدوث، وهو يرجع إلى طفراتٍ تنشط مستقبلات TSH (الهرمون المنشط للدرق) مع نشاط تحفيزي.
كما قد يحدث تضخم الغدة الدرقية لحديثي الولادة نتيجة علاج الأم الحامل بالأدوية من مشاكل الغدة الدرقية، وذلك لأن النساء اللواتي يعانين من ارتفاع مستمر في الأجسام المضادة لمستقبلات TSH ولديهن متطلبات عالية للأدوية المضادة للغدة الدرقية معرضات بشكل متزايد لخطر إنجاب طفل مصاب.
مضاعفات فرط نشاط الغدة الدرقية عند الرضع
ينتج عن إهمال علاج ارتفاع الغدة الدرقية عند الأطفال حديثي الولادة:
- مشاكل عصبية.
- تأخر في نمو الطفل.
وعادةً ما يكون ارتفاع الغدة الدرقية لدى حديثي الولادة (مرض جريفز الوليدي) مرضًا محدودًا. إلا أنه وفقًا لـ (Segni, 2019) يمكن لهذا المرض أن يهدد حياة الطفل ويتلف دماغه بشكل دائم.
فعند إهمال هذا المرض قد يتعرض الأطفال المصابون بمرض جريفز حديثي الولادة لنقص الصفيحات الدموية أو اليرقان أو تضخم الكبد أو الطحال أو نقص بروثرومبين الدم، وهي صورة يمكن الخلط بينها وبين الالتهابات الخلقية.
بالإضافة إلى ذلك، قد يحدث عدم انتظام ضربات القلب وفشل القلب وقد يتسببان في الوفاة، خاصة إذا تأخر العلاج.
لذلك يعد التشخيص المبكر للجنين من أهم الوسائل الناجعة للوقاية من أخطار فرط نشاط الغدة الدرقية عند حديثي الولادة، وخاصة إذا كانت الأم تعاني من متلازمة جريفز.
تشخيص فرط نشاط الغدة الدرقية عند الأطفال
بالرغم من خطورة ارتفاع الغدة الدرقية إلا أن استجابة معظم الأطفال المصابين للعلاج غالبًا ما تكون جيدة بمجرد التشخيص المبكر للحالة وعلاجها.
حيث يمكن الرصد المبكر لتضخم الغدة الدرقية للجنين وهو في بطن أمه عبر الموجات فوق الصوتية وتتبع المخططات البيانية لنمو الغدة الدرقية للجنين. وذلك عن طريق قياس محيط عنق الجنين. حيث يمكن أن يسبب تضخم الغدة الدرقية الجنيني انسداد المريء أو القصبة الهوائية.
أما بخصوص التشخيص بعد الولادة فعادةً ما يتم لتقييم وظيفة الغدة الدرقية عبر التحاليل الدموية لحديثي الولادة. ويمكن إجراءه من خلال سحب عينة دموية من كعب قدم الطفل وفحصها في المخبر.
كما يمكن أن يخضع حديثو الولادة من امرأة مصابة بإيجابية TRAb (الأجسام المضادة لمستقبلات TSH المحفزة والتي ترتبط بمستقبل TSH وتحفز إنتاج هرمونات الغدة الدرقية) أثناء الحمل لتحديد TRAb من دم الحبل السري عند الولادة. فإذا كانت TRAb سلبية، فإن خطر الإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية عند الأطفال لا يكاد يذكر.
بينما يتم تأكيد تشخيص ارتفاع الغدة الدرقية من خلال إظهار زيادة تركيز هرمون الثايروكسين (T4) وثلاثي يود الثيرونين (T3) مصحوبًا بمستوى TSH في دم حديثي الولادة.
علاج ارتفاع الغدة الدرقية عند الأطفال حديثي الولادة
على الرغم من اعتبار مرض فرط نشاط الغدة الدرقية لدى الأطفال مرض مؤقت قابل للسيطرة، إلا أنه يحتاج للمتابعة والتدخل المبكر من قبل الطبيب. وذلك نتيجة الإهمال أو التأخر في الكشف خوفًا من تداعياته الخطيرة.
وكثيرًا ما يحقق العلاج نجاحًا كبيرًا إذا بدأ من الشهر الأول من حياة الطفل. ويعتمد العلاج بشكل رئيسي على إعطاء الطفل دواء مضاد للغدة الدرقية بجرعة ملائمة لعمره، يحددها الأطباء بدقة، ليقلل الدواء من إنتاج الغدة لهرمونها الدرقي.
وغالبًا ما تستغرق فترة علاج الطفل الرضيع ومتابعة حالته حوالي ستة أشهر. أما أهم البروتوكولات العلاجية المتبعة لارتفاع الغدة الدرقية عند حديثي الولادة فهي:
- الأدوية المخففة لنشاط الغدة الدرقية التي تخفض إنتاج الهرمون الدرقي.
- الأدوية المنظمة لدقات القلب، مع ضرورة إيقاف الدواء لمجرد تحسن الحالة.
- في الحالات الشديدة يمكن وصف محلول اليود بمعدل نقطة كل ثماني ساعات. فهو العلاج الأسرع والأقوى عند المضاعفات لأنه يمنع إفراز الهرمون الدرقي بشكل مباشر.
- من الجدير بالذكر ضرورة المراقبة المستمرة والدقيقة لهذا المرض. وذلك لضرورة إيقاف الأدوية الخاصة بارتفاع الغدة الدرقية عند حديثي الولادة عند الشفاء نظرًا لخطورتها بعد الشفاء. مع العلم أن فترة علاج المرض لا تتعدى الأشهر.
وختامًا نجد أن ارتفاع الغدة الدرقية لدى الأطفال حديثي الولادة ليس خطيرًا. ومن السهل السيطرة عليه بسرعة وبشكل نهائي في غضون أشهر.
إلا أن وعي الأم الحامل المصابة بمشاكل الغدة الدرقية أو مرض جريفز من خلال إخبار الطبيب عن إصابتها والأدوية التي تتناولها يعد معيارًا أساسيًا لحماية الطفل حديث الولادة من تداعيات ارتفاع الغدة الدرقية الخطيرة الناتجة عن عدم التدخل الطبي المبكر.