كامب ديفيد أوشكت على السقوط! ,
وليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن كامب ديفيد واحتمالات سقوطها، وكامب ديفيد هي الاتفاقيات التي وقعها الرئيس السادات مع رئيس الوزراء الصهيوني مناحيم بيغن في 17 سبتمبر 1978 بعد 12 يوما من المفاوضات السرية في المعسكر. منتجع ديفيد الريفي في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتم التوقيع على اتفاقيتين إطاريتين في البيت الأبيض بحضور الرئيس الأمريكي جيمي كارتر. يمثل الإطار الأول عملية سلام في الشرق الأوسط تتناول الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ومنحها الحكم الذاتي، وانسحاب العدو الصهيوني من هاتين المنطقتين بعد إجراء انتخابات شعبية. وقد تمت كتابة هذا الإطار دون مشاركة فلسطينية وأدانته الأمم المتحدة.
الإطار الثاني هو إبرام معاهدة سلام بين مصر والعدو الصهيوني، والتي نتج عنها مباشرة معاهدة السلام المصرية الصهيونية في 26 مارس 1979. وكانت المحاور الرئيسية للمعاهدة إنهاء حالة الحرب، وإقامة علاقات ودية بين البلدين. مصر والعدو الصهيوني وانسحاب العدو الصهيوني من سيناء التي احتلها عام 1967 بعد حرب الأيام الستة..
وتضمن الاتفاق ضمان مرور سفن العدو الصهيوني في قناة السويس، واعتبار مضيق تيران وخليج العقبة ممرين مائيين دوليين. كما تضمن الاتفاق بدء المفاوضات لإقامة منطقة حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242.
ورغم أن المعاهدة حققت بعض محاورها وبنودها، مثل إنهاء حالة الحرب بين مصر والعدو الصهيوني، وانسحاب العدو الصهيوني من كافة الأراضي المصرية المحتلة في سيناء، إلا أن علاقات الصداقة والتطبيع لم تتم على مدى على مدى 45 عاما. ورغم إنشاء السفارات وتبادل السفراء، لم ينجح العدو الصهيوني في اختراق الحاجز النفسي والاجتماعي والسياسي والثقافي الهائل الموجود بين الشعب المصري.
إن العدو الصهيوني لم يلتزم بإقامة منطقة حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم يلتزم بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242. بل مباشرة بعد كامب ديفيد أعلن بيغن عن نيته إقامة المستوطنات في الأراضي المحتلة، وبلغت ذروة تصريحاته عام 1981 عندما أقسم أنه لن يترك أي جزء من الضفة الغربية أو قطاع غزة أو الجولان أو القدس، ومن هنا ولدت اتفاقيات كامب ديفيد الغامضة القادرة على من الانفجار والانهيار في أي وقت.
منذ البداية، أثارت اتفاقيات كامب ديفيد ردود فعل في مصر ومعظم الدول العربية. وعلى المستوى الشعبي كان الرفض حاسما، وعلى المستوى الرسمي كان موقف وزير الخارجية المصري محمد إبراهيم كامل الصديق الصدوق من الرئيس السادات واضحا، إذ قدم استقالته اعتراضا على الاتفاق وأسماه مذبحة التنازلات، وكتب في كتابه السلام المفقود في اتفاقيات كامب ديفيد الذي صدر مطلع الثمانينات، إن ما قبله السادات كان بعيدا جدا عن السلام العادل.
العدوان الصهيوني واتفاقية السلام
وانتقد الرجل اتفاقيات كامب ديفيد كلها لأنها لم تنص صراحة على انسحاب العدو الصهيوني من الضفة الغربية وقطاع غزة، ولأنها لم تتضمن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. وعلى المستوى العربي عقدت قمة عاجلة في بغداد رفضت اتفاقيات كامب ديفيد، وقررت نقل الجامعة العربية من مصر، وتعليق عضوية مصر في الجامعة ومقاطعتها.
رغم عودة العلاقات المصرية العربية بعد عشر سنوات من المقاطعة، ورغم توقيع الاتفاقيات الفلسطينية والأردنية مع العدو الصهيوني في أوسلو ووادي عربة، وتوقيع اتفاقيات التطبيع الأخيرة مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، ويظل الرفض الشعبي حاسما.
إن العدوان الصهيوني الأخير على غزة جاء ليؤكد وهم السلام المزعوم مع العدو الصهيوني، ويؤكد سلامة الموقف الشعبي. كل الاتفاقيات الموقعة مع العدو الصهيوني مهددة بالانهيار، وأبرزها كامب ديفيد. أعلن العدو الصهيوني منذ اليوم الأول لعدوانه على غزة أن عمليته العسكرية لها أهداف محددة. ومن بينها تهجير الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتوطينه في سيناء.
وهذا الهدف وحده يعتبر كافيا لإسقاط كامب ديفيد، وكان رد الفعل المصري، سواء الرسمي أو الشعبي، هو أن ما يفعله العدو هو بمثابة إعلان حرب، وأن مصر لن تسمح بالهجوم على شبر واحد من أراضيها. أرض سيناء التي تحررت بدماء شهداء الجيش المصري العظيم على مدار أربعة أشهر. في الماضي، لم يتمكن العدو الصهيوني من تحقيق أهدافه في غزة.
أعلن العدو الصهيوني، خلال الأيام الماضية، أنه بصدد تنفيذ عملية عسكرية في رفح، مما اضطر سكان قطاع غزة، تحت القصف الغاشم للآلة العسكرية الصهيونية، إلى الفرار والتزاحم بعد سكانها. ولم يتجاوز عدد سكانها 400 ألف مواطن، ويسكنها الآن 1.4 مليون مواطن فلسطيني.
وبطبيعة الحال فإن العدو الصهيوني يسعى من وراء هذه العملية إلى إجبار الشعب الفلسطيني على اجتياح المعبر والدخول بالقوة إلى سيناء، وبذلك يحقق الهدف الصهيوني الذي أعلنه منذ بداية العدوان على غزة. وجاء رد الفعل المصري سريعا، حيث أكدت مصر أن أي تحرك صهيوني لإجبار سكان غزة على العبور إلى سيناء يرقى إلى مستوى انتهاك من شأنه أن يعلق فعليا معاهدة السلام لعام 1979، وقد أبلغت المسؤولين في الكيان الصهيوني والأمم المتحدة بذلك. الولايات الأمريكية.
وبحسب مصادر صحافية أميركية، أكد مسؤول صهيوني أن الحكومة المصرية كررت هذا التحذير لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء الماضي، فيما أكد مسؤول أميركي أن مصر أوضحت استعدادها لعسكرة حدودها ربما بالدبابات، إذا تم دفع الفلسطينيين إلى سيناء.
وبحسب وكالة رويترز، نقلت بعض المواقع الإخبارية، من بينها سكاي نيوز عربية، أن مصدرين أمنيين مصريين أكدا أنه منذ بداية العدوان الصهيوني على غزة، أقامت مصر جدارا حدوديا خرسانيا تمتد أساساته على عمق 6 أمتار في الأرض ويعلوه حواجز. الأسلاك الشائكة، مع إقامة حواجز رملية، وتعزيز المراقبة على مواقع التجمع الحدودية. ..
ومع التهديدات الصهيونية الأخيرة واحتمال غزو رفح، أرسلت مصر 40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمال شرق سيناء كجزء من سلسلة إجراءات لتعزيز الأمن على الحدود مع قطاع غزة. وتشير الأحداث الجارية إلى أن كامب ديفيد على وشك السقوط، إن لم تكن قد سقطت بالفعل، لأن مصر الرسمية، ومن خلفها مصر الشعبية، لن تسمح بأن تمس شبراً واحداً من الأراضي المصرية. اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.