لأول مرة في سوريا: أسعار المحروقات تنخفض وكيلو الفروج يتجاوز 90 ألف ,
في تحرك مفاجئ لم يكن أحد يتوقعه، شهدت سوريا تطورات اقتصادية غير مسبوقة وتناقضات كبرى، ففي حين أعلنت الحكومة تخفيض أسعار بعض المحروقات والمشتقات النفطية، سجلت أسعار الدجاج ارتفاعات قياسية غير مسبوقة وصلت إلى حدود الجنون، وأثارت تفاصيل هذه الأزمة الخانقة موجة من الجدل والاستياء في الشارع السوري.
في قرار اقتصادي يبدو وكأنه استجابة للاحتجاجات الشعبية المتصاعدة، أعلنت حكومة دمشق عن خفض أسعار البنزين والمازوت، في محاولة لتهدئة الغضب الشعبي من ارتفاع تكاليف المعيشة، إلا أن هذا الإجراء لم يخفف من حدة الأزمة، حيث تضاعفت أسعار إحدى أهم السلع الغذائية الأساسية بشكل غير مسبوق.
شهدت أسواق المواد الغذائية السورية ارتفاعات فلكية في أسعار الدجاج، حيث تجاوز سعر كيلو الدجاج 90 ألف ليرة سورية لأول مرة، أرقام فلكية أثارت الرعب في نفوس المواطنين وجعلت شراء لحم الدجاج حلماً بعيد المنال بالنسبة للكثيرين، وسرعان ما تدفقت ردود الفعل الغاضبة من كل حدب وصوب.
ولكن هل تشكل هذه التطورات المتناقضة نقطة تحول في الأزمة الاقتصادية السورية؟ أم أنها مجرد مؤشرات على تزايد تعقيدها؟ وكيف يمكن للحكومة أن تتعامل مع هذه الاختلالات الخطيرة؟
بصيص من الأمل
في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تجتاح سورية، قدمت وزارة التجارة الداخلية بارقة أمل للمواطنين المنهكين، ففي قرار مفاجئ هز الساحة المحلية أعلنت الوزارة أمس عن تخفيضات في أسعار بعض المشتقات النفطية الحيوية.
وسط ترقب شديد نشرت الوزارة قائمة الأسعار الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ صباح اليوم الاثنين وجاءت على النحو التالي: انخفض سعر ليتر البنزين 90 أوكتان إلى 11881 ليرة سورية فقط، فيما شهد بنزين 95 أوكتان انخفاضاً إلى 13491 ليرة للتر الواحد، كما حدد سعر المازوت الحر بـ 11509 ليرة للتر الواحد.
ولا شك أن هذه الخطوة الجريئة قوبلت بقدر من التفاؤل الحذر بين المواطنين الذين يئنون تحت وطأة التضخم الجامح. فبعد فترة طويلة من الانكماش والركود، يأمل البعض أن تكون هذه التخفيضات بمثابة إشارة أمل نحو استقرار الأسعار وتحسين ظروف المعيشة.
لكن خبراء اقتصاديين حذروا من الاحتفال المبكر، معتبرين أن أسعار المشتقات النفطية لا تزال مرتفعة للغاية رغم التخفيضات الطفيفة، واعتبرها البعض “قطرة في بحر” المشاكل الاقتصادية المستعصية التي تواجهها سورية، خاصة مع ارتفاع أسعار النفط. ليرفع أسعار الخضار واللحوم.
ما علاقة الحرارة بالأمر؟
في تطور مقلق، تسببت موجة غير مسبوقة من التضخم في ارتفاعات قياسية في أسعار الدجاج في سوريا، ما أثار قلق المواطنين مع اقتراب عيد الأضحى المبارك. ورغم الدعم الحكومي المزعوم لقطاع الدواجن، شهدت الأسواق ارتفاعات فلكية كادت تزيل لحوم الدجاج من موائد السوريين.
وصل سعر كيلو الفروج مع الريش في مزرعة الدواجن إلى 40 ألف ليرة سورية، بينما تراوحت أسعاره في المحال التجارية بين 43 و45 ألف ليرة، لكن الصدمة الحقيقية تكمن في أسعار قطع الفروج، إذ تجاوز سعر الفيليه 90 ألف ليرة للكيلو لأول مرة في التاريخ.
وباتت أجزاء الدجاج الأساسية حلماً بعيد المنال بالنسبة للكثيرين، فبلغ سعر الكيلو المنظف 55 ألف ليرة سورية، والفخذ (الوردة) 51 ألفاً، والأجنحة قفزت إلى 40 ألف ليرة. وحتى مشتقات الدواجن لم تسلم من موجة التضخم، حيث ارتفعت أسعار الهمبرغر إلى 63 ألف ليرة سورية، والنقانق إلى 62 ألفاً للكيلو.
أصبحت أسعار الدجاج في سوريا بمثابة كابوس حقيقي للمواطنين مع اقتراب عيد الأضحى، ففي حين كان من المتوقع أن يكون توفر لحم الدجاج بديلاً مناسباً للأضاحي، إلا أن الارتفاع الجنوني أجبر الكثيرين على إعادة حساباتهم.
وأرجع تجار في السوق هذا الارتفاع المفرط في الأسعار إلى زيادة الطلب بشكل كبير خلال فترة العيد، حيث تتجه الأسر إلى شراء الدواجن بدلاً من ذبح الأضاحي. كما أرجع البعض الأسباب إلى تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة التي أدت إلى نفوق أعداد كبيرة من الطيور، ما أثر سلباً على العرض وفاقم الأزمة.
لكن خبراء الاقتصاد لديهم وجهة نظر مختلفة، فرغم انخفاض تكاليف الإنتاج بسبب نقص تكاليف التدفئة، إلا أن الأسعار لا تزال ترتفع بشكل غير مبرر. وقد أثار هذا التناقض الشكوك حول ممارسات احتكارية من قبل بعض التجار للسيطرة على سوق العرض والطلب.
وفي خضم هذه الفوضى، انتقد محللون غياب الدور الإيجابي للمؤسسات الحكومية المعنية في احتواء الأزمة. وكان فشل شركة التجارة السورية في التدخل، سواء بعرض الدواجن المبردة أو منتجات المزارع الحكومية، سبباً مباشراً في ارتفاع الأسعار بشكل جنوني. ويبقى السؤال: هل تتمكن دمشق من كبح جماح هذه الأزمة قبل فوات الأوان؟ أم سيضطر السوريون إلى الاستغناء عن لحم الدجاج في عيدهم هذا العام؟