من الآيات القرآنية الجامعة (3) ,
عزيزي القارئ، إن الحديث عن الأمر الإلهي بفعل الخير لا يزال مستمراً، وقد ذكرنا تعريف الخير، وسنتحدث في هذا المقال عن جوانب الخير، واعلم عزيزي القارئ أن جوانب الخير كثيرة ومتنوعة، فهي تشمل كما ذكرنا في المقال السابق الخير في عبادة الله تعالى وطاعته وذكره، ويشمل كل التعامل مع كل الخلق، بل يشمل الإنسان نفسه في كينونته وفي كل تعاملاته.
فالعبد المؤمن مطالب بأن يحسن معاملة نفسه بالسعي الجاد إلى تطهيرها والارتقاء بها إلى مرتبة النفس الراضية الراضية، وليدخل في دائرة الفائزين.. يقول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَسِرَ مَنْ أَفْسَدَ فِيهَا}[النور: 11].
كما يجب عليه تطهير القلب من التعلقات وغيرها، ونبذ حب الدنيا والزهد فيها، كما يجب عليه السعي في النجاة من النار، كما يجب عليه شكر نعم الله تعالى، وعدم معصية الله تعالى بنعمة، وتحسين عبوديته لربه تعالى بإخلاص النية وابتغاء وجهه الكريم.
ومن الإحسان حسن النية بالصدق والإخلاص، وحسن الظن بالله تعالى وخلقه، ومن الإحسان حسن الكلام، عملاً بقوله تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) وقوله تعالى: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)
وفي قمة الإحسان الإحسان إلى الوالدين والأقربين واليتامى والفقراء، يقول الله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل}[saying]”لا تعبدوا إلا الله، وبالوالدين إحساناً، وبذي القربى واليتامى والمساكين، وقولوا للناس معروفاً”. ومن الإحسان الإحسان إلى الجار مسلماً كان أو كافراً، ففي حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه”.
وفي حديث آخر قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليسلم جاره شره). ومن الإحسان أيضاً الإحسان إلى الأرض التي نعيش عليها بإصلاحها والعمل على إعمارها وتنميتها وعدم الإفساد فيها. ومن الإحسان أن نقابل الإحسان بالإحسان. يقول الله تعالى: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)[anything]لكن جيد؟”
إن قمة الإحسان أن لا يقتصر الإحسان على من أحسن، بل يمتد إلى من أساء، فقد روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (صل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك). ومن الإحسان حسن الظن بالله تعالى، أي بكرمه وعفوه وإحسانه ورحمته ولطفه وصبره وستره وعلمه وإحسانه. قال تعالى: (أنا عند ظن عبدي بي). وهذا من الإحسان.
ومن فضل الرفق بالزوج رفقة زوجته ورفقة الزوجة بزوجها ببناء جسر من المودة والرحمة بينهما، ومن فضل الرفق رفق الوالدين في تربية الأبناء، ورفق الأبناء بوالديهم بالإحسان إليهم والإحسان إليهم.. هذا وما فضل الرفق ومنزلة عباد الله الصالحين عند الله تعالى، هذا ما سنتحدث عنه في المقال القادم إن شاء الله.