أسباب مرض الصفراء عند حديثي الولادة وما هي طرق العلاج؟ ومتى تنتهي أعراض الصفراء عند حديثي الولادة؟ قد يكون مرض الصفراء والمتعارف عليه أيضًا باسم اليرقان، من أول الأمراض التي يواجهها صغيرك بعد قدومه إلى الحياة. والتي يعاني منها أيضًا معظم حديثي الولادة، حيث يُقدر أن كل 6 من 10 أطفال يصابون باليرقان. مع ذلك فإن مرض الصفراء عند حديثي الولادة ليس مدعاةً للقلق، فهو يختفي في معظم الأحيان خلال فترةٍ قصيرةٍ، ومن دون أي علاج. وتُحدد نتائج الاختبارات التي يقوم بها الطبيب، بعد ظهور أعراض الصفراء على حديثي الولادة، ما إذا كان طفلك بحاجةٍ إلى علاج اليرقان أو لا.
لكن يبقى السؤال هنا، ماهي أسباب مرض الصفراء عند حديثي الولادة؟ وماهي طرق العلاج؟ هذا ما سنجيب عليه في مقالنا التالي من موقع طلاب نت.
مرض الصفراء عند حديثي الولادة
مرض الصفراء أو اليرقان من الحالات الشائعة جدًا عند الأطفال حديثي الولادة، خاصةً الأطفال الخدج، والأطفال الذي يرضعون رضاعةً طبيعيةً. يعدّ مرض الصفراء شائعًا عند حديثي الولادة لأن الكبد، لم يتطور بالشكل الكافي الذي يسمح له بالتخلص من مادة البيليروبين، الناتجة عن تفكيك خلايا الدم الحمراء الكثيرة في دم الأطفال والتي تنقل الأوكسجين إلى جميع أنحاء الجسم. فتتراكم مادة البيليروبين في دم الطفل مسببةً له اليرقان، الذي تظهر أعراضه في غضون فترةٍ قصيرةٍ بعد الولادة. وقد تستمر هذه الأعراض لعدّة أسابيع أو أشهر عند الأطفال الذين يحظون برضاعةٍ طبيعيةٍ. ويحتاج مرض الصفراء في بعض الحالات إلى العلاج، وذلك بعد تحديد مستويات مادة البيليروبين في دم الطفل. وفي معظم الأحيان يستجيب الطفل لطرق العلاج، وفي حالاتٍ نادرةٍ قد يصاب بمضاعفاتٍ خطيرةٍ ناتجةٍ عن ارتفاع مستويات البيليروبين بشكلٍ كبيرٍ في دم الطفل.
شاهد أيضًا: ما أسباب أنيميا الأطفال أعراض وطرق العلاج
أسباب مرض الصفراء عند حديثي الولادة
يعود سبب مرض الصفراء عند حديثي الولادة إلى كثرة البيليروبين في الدم. والبيليروبين هي مادة صفراء تنتج عن تفكك خلايا الدم الحمراء التي تحمل الأوكسجين إلى خلايا الجسم. في الوضع الطبيعي، تنتقل مادة البيليروبين في مجرى الدم متجهةً إلى الكبد، ليغيّر الكبد من شكلها، بحيث يمكن إخراجها من الجسم مع البراز. لكن عندما تزداد نسبة البيليروبين في الدم، أو لا يتمكّن الكبد من التخلص منها، فإنّها ستسبّب اليرقان عند حديثي الولادة.
وقد تعود أسباب مرض الصفراء عند حديثي الولادة أحيانًا إلى مشاكل صحيّة أخرى، ويعرف هذا باليرقان المرضي. وتتضمن بعض أسباب اليرقان المرضي ما يلي:
- قصور الغدة الدرقية، حيث لا تنتج الغدة الدرقية ما يكفي من هرمونات.
- التهاب المسالك البولية.
- عدم توافق فصيلة دم الأم والطفل، والتي تختلط أثناء الحمل أو الولادة.
- مرض الريسوس (انحلال الدم)، يحدث عندما يكون عامل ريسيسي الدم سلبيًا عند الأم، بينما يكون إيجابيًا عند الطفل.
- متلازمة كريغلر- نجار، وهو اضطراب وراثي نادر يؤثر على الأنزيم المسؤول عن معالجة البيليروبين.
- مشكلة أو انسداد في القناة الصفراوية (أو القنوات) والمرارة، حيث تخزن المرارة الصفراء، ثم يتم نقلها عبر القنوات الصفراوية من الكبد إلى الأمعاء عند هضم الدهون. بالتالي سيؤدّي انسداد القناة أو القنات الصفراوية إلى تراكم الصفراء في الكبد، وتراكم مادة البيليروبين في الدم، مما يؤدي إلى اليرقان.
- يمكن أن يؤدي نقص الإنزيم الموروث الذي يعرف باسم نازعة الهيدروجين غلوكوز 6 فوسفات(G6PD) إلى اليرقان.
شاهد أيضًا: لماذا يصاب الرضع وحديثو الولادة بفقر الدم
طرق علاج مرض الصفراء عند حديثي الولادة
عادةً لا يحتاج مرض الصفراء عند حديثي الولادة إلى علاج، حيث تزول أعراض الصفراء في غضون 10-14 يومًا أو أكثر في بعض الحالات. لكن إذا أظهرت نتائج الاختبارات وجود مستوياتٍ عاليةٍ من البيليروبين في دم الطفل، فيجب علاج الصفراء عند حديثي الولادة، تجنبًا لخطر انتقال البيليروبين إلى الدماغ حيث يسبب تلفًا فيه. يشمل علاج اليرقان الذي يمكن إجراؤه في المشفى لتقليل مستويات البيليروبين بسرعةٍ، طريقتان رئيسيتان، هما:
- العلاج الضوئي: هو نوع خاص من الضوء يستخدم لعلاج اليرقان عند حديثي الولادة، بحيث يغير البيليروبين إلى شكلٍ يمكن للكبد التخلص منه. الهدف من هذا العلاج هو تعريض الطفل حديث الولادة إلى أكبر قدرٍ ممكنٍ من الضوء إمّا في السرير أو في الحاضنة، مع تغطية عيونهم. وإن لم يبدي الطفل تحسّنًا، فقد يلزم تقديم علاج مكثف بالضوء، عن طريق زيادة كمية الضوء المستخدمة، أو استخدام مصادر أخرى للضوء. وبعد بدء العلاج بالضوء سيتم اختبار مستوى البيليروبين في الدم كل 4-6 ساعات لتقييم فعالية العلاج. وما أن يبدأ بالانخفاض سيتم اختباره كل 6-12 ساعات، ليتوقف العلاج بعد وصول البيليروبين إلى مستويات آمنةٍ، وقد يستغرق ذلك يومًا أو اثنان.
- نقل الدم (نقل دم تبادلي): إذا كانت مستويات البيليروبين عالية جدًا في دم الطفل، ولم يكن علاج الضوء فعالًا، سيحتاج الطفل إلى نقل دمٍ كامل. حيث يتم إزالة دم الطفل باستخدام أنبوبٍ رفيعٍ يوضع في أوعيته الدموية، ويستبدل بدم متبرعٍ مطابقٍ، وقد تستغرق هذه العملية عدة ساعاتٍ حتى تنتهي. يستجيب معظم الأطفال لهذا العلاج بشكلٍ جيّدٍ، لكن إذا ظلَّ مستوى البيليروبين مرتفعًا في الدم، فقد يلزم تكرار هذا الإجراء.
- قد يحتاج مرض الصفراء عند حديثي الولادة إلى علاجاتٍ أخرى إذا كان ناتجًا عن مشاكل صحية أساسية.
شاهد أيضًا: أسباب ازرقاق القدمين عند الأطفال
أعراض مرض الصفراء عند حديثي الولادة
عادةً ما تظهر أعراض مرض الصفراء عند حديثي الولادة بعد يومين من الولادة، وهي تشمل ما يلي:
- اصفرار الجلد، لكن قد يصعب ملاحظته عند الأطفال ذوي البشرة البنية أو الداكنة. وقد يكون أكثر وضوحًا في بياض عيون الأطفال، وراحة أيديهم، وباطن أقدامهم، وداخل أفواههم.
- البول الأصفر الداكن (يجب أن يكون بول حديثي الولادة عديم اللون)
- براز شاحب اللون (يجب أن يكون براز حديثي الولادة أصفرًا أو برتقاليًا).
- النعاس.
- فقدان الشهية.
متى تنتهي أعراض الصفراء عند حديثي الولادة
يظهر اليرقان عند حديثي الولادة بعد حوالي يومين من الولادة، وتنتهي أعراض الصفراء في غضون أسبوعين بعد الولادة. بينما يستغرق ظهوره من 5-7 عند الأطفال الخدج، وقد يستمر حوالي 3 أسابيع حتى تنتهي أعراض الصفراء. كما يميل مرض الصفراء عند حديثي الولادة أن يظهر لفترةٍ أطول عند الأطفال الذين يرضعون رضاعةً طبيعيةً، وقد يستمر لبضعة أشهر. مع ذلك يجب عدم التوقف عن الرضاعة الطبيعية، حيث أن فوائد الرضاعة الطبيعية تفوق أي مخاطر أخرى محتملة.
شاهد أيضًا: علاج رمد العين عند حديثي الولادة
كيف يشخص مرض الصفراء عند حديثي الولادة
عادةً ما يتم فحص حديثي الولادة في غضون 72 ساعة من الولادة لتشخيص مرض الصفراء، كجزءٍ من الفحص البدني لحديثي الولادة. مع ذلك يجب مراقبة الطفل بعد العودة إلى المنزل، لأن أعراض اليرقان قد تستغرق أسبوعًا للظهور. وذلك عن طريق الفحص عن اصفرار في عينيه، أو راحة يديه، وقد يساعد الضغط بشكلٍ لطيف على جبهة الطفل أو أنف الرضيع في رؤية الصفراء بشكلٍ أسهل. كما يجب فحص لون براز وبول الطفل، فإذا لُوحظَ وجود أعراض الصفراء، فيجب التحدث إلى الطبيب في أقرب وقتٍ ممكن.
سيقوم الطبيب بدايةً بإجراء فحصٍ نظري بحثًا عن علامات اليرقان، وذلك بعد خلع ملابس الطفل، لفحص لون بشرته بشكلٍ جيّدٍ تحت الضوء، سيشمل الفحص النظري لليرقان أيضًا، فحص بياض العينين، ولثة الطفل، وبراز وبول الطفل. بعد التأكد من أعراض الصفراء عند الطفل سيجري الطبيب اختبارًا لتحديد مستوى البيليروبين في دمه، لتحديد ما إذا كان يحتاج إلى علاجٍ أو لا. ويتم إجراء هذه الاختبارات كما يلي:
- باستخدام مقياس البيليروبين، الذي يسلط الضوء على جلد الطفل، حيث يتمّ حساب مستوى البيليروبين بناءً على انعكاس الضوء أو امتصاصه من الجلد.
- بفحص عينةٍ من دم، تؤخذ من كعب الطفل، ثم يتم قياس مستوى البيليروبين في الجزء السائل من الدم (المصل). وعادةً ما يتم إجراء اختبار الدم إذا أصيب الطفل باليرقان خلال ٢٤ ساعة بعد الولادة.
وإذا استمر مرض الصفراء عند حديثي الولادة لأكثر من أسبوعين، سيخضعون لمزيدٍ من اختبارات الدم.
شاهد أيضًا: ما دلالات لون البول عند الرضع
مضاعفات مرض الصفراء عند حديثي الولادة
عند حديثي الولادة الذين يعانون من مستوياتٍ عالية من البيليروبين، يمكن أن يعبر البيليروبين الطبقات الرقيقة من الأنسجة التي تفصل بين الدماغ والدم، مسببًا تلف الدماغ والحبل الشوكي الذي يهدّد حياة الطفل. تعرف هذه الحالة باسم kernicterus وهي من مضاعفات مرض الصفراء الخطيرة والنادرة. ففي حال حدوث تلف الدماغ سيصاب حديث الولادة بمشكلاتٍ صحيّةٍ دائمةٍ مثل:
- فقدان السمع.
- الشلل الدماغي.
- صعوبة في التعلم.
- ارتعاش لا إرادي.
- عدم القدرة على التحكم بحركة العينين.
- ضعف نمو الأسنان.
- كما يمكن أن تؤدي المستويات العالية من البيليروبين في دم الطفل إلى الإصابة بالتهاب القرنية إذا ما تركت دون علاج.
ختامًا، وبعد التعرف إلى أسباب مرض الصفراء عند حديثي الولادة وماهي طرق العلاج. نؤكد على أهمية الفحص الروتيني بعد الولادة بفترةٍ قصيرةٍ للبحث عن أعراض اليرقان. وحتى إن لم تظهر أعراض اليرقان في غضون يومين بعد الولادة، يجب الاستمرار في مراقبة طفلك، وزيارة الطبيب عند ملاحظة أعراض الصفراء عند حديثي الولادة. لتحديد ما إذا كان طفلك بحاجةٍ إلى علاجٍ أو لا، إذا أن التأخر عن العلاج في حال ارتفاع مستويات البيليروبين في دم الطفل، سيؤدّي إلى مضاعفاتٍ خطيرةٍ.