البيروقراطة.. المتهم الأول في انتشار المباني العشوائية ,
مع تزايد ظاهرة البناء العشوائي التي تؤثر سلباً على الشكل العمراني للمدن وتؤدي إلى مشاكل اجتماعية واقتصادية، هناك حاجة ملحة إلى وضع حلول فعّالة للحد من هذا الوباء الحضري. ومن الحلول التي يمكن أن تساهم بشكل كبير في معالجة هذه المشكلة تسهيل قانون البناء من خلال نظام “البناء بالإخطار”. ويهدف هذا النظام ليس فقط إلى تسريع الإجراءات، بل وأيضاً إلى تعزيز الرقابة وتقديم التوجيه الهندسي للمواطنين.
ويتيح نظام «البناء بالإخطار» للمواطنين البدء في البناء بعد تقديم إخطار للمنطقة ودفع رسوم، مثلا خمسة آلاف جنيه عن كل وحدة يتم بناؤها، وقيام مالك المبنى بتوقيع عقد بينه وبين المنطقة يتضمن التزامه بتنفيذ اشتراطات السلامة في البناء والتشطيبات الخارجية. ويهدف هذا النظام إلى تبسيط الإجراءات البيروقراطية التي غالبا ما تكون معقدة وطويلة، وهو ما يشجع المواطنين على الالتزام بالقوانين بدلا من اللجوء إلى البناء العشوائي.
وبموجب هذا النظام يتوجب على المنطقة إرسال مهندس للإشراف على عملية البناء، ويجب أن يتم تعيين المهندس وفق معايير محددة لضمان عدم خروج البناء عن المتطلبات القانونية، ويجب أن يحصل المهندس على نسبة معينة من رسوم البناء التي يدفعها المواطن، على سبيل المثال 20% من رسوم المبنى الذي يشرف عليه، مما يخلق حافزًا قويًا لتقديم خدمات إشراف فعالة وعادلة. كما يجب على المهندس المشرف الالتزام بالشفافية والمعايير الأخلاقية وتقديم المشورة والتوجيه الهندسي.
وتتضمن المتطلبات الرئيسية أن يفي المبنى بمعايير السلامة الإنشائية لضمان عدم تعرضه لأي مخاطر، وأن يسمح للمبنى بالارتفاع إلى أربعة طوابق كحد أقصى، دون تجاوز هذا الارتفاع تحت أي ظرف من الظروف، ويحظر على المبنى أن يتضمن نتوءات مثل الشرفات أو تركيبات أخرى مثل الدشات أو مكيفات الهواء التي تمتد خارج حدود المبنى، مع اشتراط توسيع فتحات السقف لهذه الاستخدامات وغيرها.
– يجب أن تكون الواجهة بنفس لون الحي لضمان الحفاظ على جمال المنطقة، ولا يسمح بالبناء على سطح الطابق الرابع إطلاقا، باستثناء سور بارتفاع متر ونصف، كما يمنع استخدام السطح لأي غرض آخر سوى الأطباق الفضائية والنباتات ومكيفات الهواء وخلايا الطاقة الشمسية.
لن يحصل المواطن على الترخيص النهائي والتصريح بإدخال المرافق إلى المبنى إلا بعد التأكد من توافر كافة الشروط المذكورة أعلاه، ويهدف هذا الإجراء إلى ضمان الالتزام الكامل بالقوانين والحفاظ على التنسيق الجمالي والسلامة في المناطق السكنية.
ولحل مشكلة البناء على الأراضي الزراعية، لا بد من إيجاد حلول استراتيجية تحقق التوازن بين التوسع العمراني والحفاظ على الأراضي الزراعية، حيث تعتبر الظهير الصحراوي لكل محافظة بمثابة احتياطي استراتيجي مهم للتوسع العمراني، حيث توفر مساحة كبيرة يمكن استغلالها لتخفيف الضغط على الأراضي الزراعية، بدلاً من البناء العشوائي على هذه الأراضي والمناطق المكتظة بالسكان.
ويجب تقسيم الظهير الصحراوي إلى قطع صغيرة من الأرض تتناسب مع احتياجات المواطنين، مع تسهيل عملية بيعها لهم بأسعار رمزية، وتطوير البنية التحتية، وتوفير المرافق الأساسية، وإنشاء شبكة طرق جيدة تضمن سهولة الوصول إلى المناطق السكنية الجديدة، وربطها بالمراكز الرئيسية والمدن الكبرى، وبناء المستشفيات والمدارس، وإنشاء المناطق الصناعية المجاورة. كل هذا من الحلول التي تساهم في القضاء على ظاهرة التشوه العمراني وانتشار العشوائيات.