الضباط الأحرار وسرقة مجوهرات أسرة محمد علي! (2) ,
لقد كانت جملة وزير الآثار الأسبق ممدوح الدماطي ـ وقد ذكرناها في مقالنا أمس بعنوان الضباط الأحرار وسرقة مجوهرات أسرة محمد علي! ـ صادمة لصديقي، فقد أدرك أخيراً ـ أخيراً ـ أن هذه الأسر التي صادرت الثورة مجوهراتها الشخصية كانت قد أخفت آلاف القطع قبل المصادرة، وبعضها أودعها لدى بعض المساعدين والعمال في قصورهم وإداراتهم الخاصة، فكانت المفاجأة:
قلت: هل تأكدتم الآن أن كثيراً من القطع التي تجدونها وتسمعون عنها في المعارض العالمية كانت من عائلة محمد علي ذاتها، وليس من أبناء الجيش العظيم الذي يريدون أن يظهروا للأجيال الجديدة أن أبناءه لصوص؟!
قال: قلت إن هناك مفاجأة أخرى غير قضية خزينة بنك مصر؟
قلت: نعم.. ولكني أحب أن أذكرك أيضًا بقضية الزمالك التي اشتهرت بـ«كهف علي بابا»، هل تعلم أن عدد القطع التي تخص أسرة محمد علي فيها بلغ 787 قطعة؟ وقدرت قيمتها بمئات الملايين من الجنيهات؟!
قال: أعلم.
قلت: إذن هنا نهاية هذه القضية.. قبل ثلاث سنوات كانت قدماي تسرعان إلى المكتبة المصرية اللبنانية في شارع شريف في شارع عدلي.. وقبل ذلك اشتريت كتاباً نادراً آخر من مكتبة أخرى له قصة أخرى سأحكيها لكم لاحقاً..
الكتاب الذي وجدته أخيرا كان للمستشار الفاضل أشرف العشماوي رئيس نيابة أمن الدولة العليا والقاضي بمحكمة استئناف القاهرة والروائي والكاتب حاليا. منذ سنوات كانت هناك قضية الآثار الكبرى الشهيرة والتي اتهم فيها أصحاب النفوذ. وقتها كان العشماوي مكلفا بمهمة رائعة.. وهي فحص ملف الآثار المصرية بالكامل والشائعات التي أثيرت حوله.
وطلب العشماوي تشكيل لجنة كبيرة من عمداء وأساتذة الآثار في الكليات والجامعات المصرية، فبدأوا عملاً شاقاً وعظيماً، ففتحوا الملف منذ البداية، حيث بدأت أسرة محمد علي نفسها في تقديم الآثار المصرية كهدايا لزائريها، أو لمن تزورهم في بلادهم، فبدأت اللجنة في دراسة الملف في عام 1835!
ثم قلت: هل تركز معي؟ أنا أحكي لك منذ سنة 1835! قرابة 200 سنة.. حاكم، حاكم.. رئيس، رئيس.. بما في ذلك ما يسمى بمجوهرات أسرة محمد علي.. وهي الفترة الأكثر إهداراً لآثار مصر.. الخديوي إسماعيل الذي باع أسهم قناة السويس يُنسب إليه 4000 هدية من أروع وأعظم آثار مصر!
كانت الآثار التي تزين العواصم الأوروبية تنتج في عهدهم.. وكانت فترة السبعينيات هي الأكثر تبرعاً بالآثار.. أما فترة الستينيات فقد اخترعت قصة “النسخة المطابقة” بإهداء الوفود الأجنبية نسخاً مقلدة جيدة.. وكانت فترة الرئيس مبارك هي الأقل تبرعاً بالآثار، ولكنها في المقابل شهدت أكثر حالات سرقة الآثار وتهريبها بعيداً عن الدولة..
ثم.. ثم جاءت المفاجأة.. لم تختف قطعة واحدة من مجوهرات عائلة محمد علي.. بل تم الحفاظ عليها بإجراءات صارمة.. ولكن هناك إجراءات تسببت في إشاعة الحفاظ على القطع، ولكن تقرير اللجان أرجع ذلك إلى قلة الخبرة والتسرع في إنجاز المهام فقط. ولكن هناك لجان تراقب بشكل يجعل من المستحيل على أحد الوصول إلى أي قطعة!
لقد شعرت بالأسف على صديقي الذي جاء معه بأكاذيب جماعة الإخوان المسلمين الخبيثة المجرمة، وكانت المعلومات تريد أن تنسفهم بالكامل، ولكن لكي أخفف من حدة الموقف قلت له: بالمناسبة الكتاب اسمه «سرقات مشروعة»، وسوف يعجبك حقا، هو وروايات المستشار والكاتب الكبير أشرف العشماوي!