هل تتجدد خلايا المخ عند الأطفال

Rima Al17 فبراير 2023آخر تحديث :
هل تتجدد خلايا المخ عند الأطفال

في ظل استمرار عجز الطب أمام تلف الخلايا العصبية الدماغية، هل تتجدد خلايا المخ عند الأطفال؟ وعلى الرغم من صعوبة إصلاح خلايا هذا الكمبيوتر العظيم الذي لا يشابهه في عمله أي جهاز آخر، فهل هناك من معجزات بالنسبة للأطفال؟

كل منطقة في المخ تنظم وتقود جزءًا من وظائف الجسم. وعلى الرغم من الدور الكبير الذي تلعبه الخلايا الدماغية في حياة الإنسان من خلال قيادتها لكل أجهزة الجسم، إلا أنها تتميز بعدم قدرتها على الانقسام والتجدد، وبالتالي فإن أي تلف يصيبها يصبح الجسم عاجزًا عن التعويض. مما يعرض الوظيفة التي تقودها منطقة الإصابة لخطر قد تدوم تداعياته مدى الحياة.

لكن ماذا عن خلايا المخ عند الأطفال على وجه الخصوص؟ وما هي أهم الأمراض والإصابات التي تتعرض لها خلايا المخ عند الرضع وحديثي الولادة؟ وهل يتمكن الطب من علاجها؟ فهل بإمكانه أن يعيد خلايا المخ عند الأطفال إلى الحياة ويجددها؟

تبقى الإجابة لأحدث الأبحاث العلمية الطبية. تابعوا معنا ما توصلت إليه هذه الأبحاث من خلال المقال التالي.

هل تتجدد خلايا المخ عند الأطفال

توصلت الأبحاث العلمية الحديثة إلى أن قشرة الدماغ عند الأطفال والرضع أكثر ليونة مما هي عليه عند البالغين. وهذا ما يجعل بنية قشرة الدماغ لدى الرضع أكثر حساسية وتغير للمنبهات والمحفزات الجديدة، مما يمنح الأطفال ميزات أعلى في سرعة التعلم وخاصة تعلم اللغات. فهل من اختلاف أيضًا بين الأطفال والبالغين من حيث قدرة خلايا المخ على التجدد؟

غالبًا ما تكون نتائج التشخيص الأسوأ بالنسبة للأطفال الذين تتلف خلايا دماغهم. حيث سيعيش العديد من هؤلاء الأطفال مع عواقب تلف خلايا المخ لبقية طيلة حياتهم.

ومن أكثر الإصابات الشائعة والمكتسبة بين الأطفال والرضع حديثي الولادة هو الشلل الدماغي، والذي عادةً ما يحدث لسوء تغذية دماغهم بالاكسجين أو الغلوكوز لدقائق وذلك لأسباب عدة، إحداها إصابة الأم الحامل بأحد الأمراض الفيروسية أو الالتهابات أو الولادة المتعسرة بأخطارها الكبيرة على الجنين. مما يرجح الإصابة بضمور المخ أو الشلل الدماغي نتيجة لتدهور وتلف خلايا المخ. وهنا تلعب نوع الإصابة ومدتها ومكانها من الدماغ ومدى وجود النزيف دورًا هامًا لدى الأطباء في إمكانية العلاج على الفور. وبالتالي فإن الإسعاف السريع سيكون مهم للغاية، وذلك لضرورة سرعة تقديم الغلوكوز أو الاكسجين اللازم في الوقت المناسب. فالخلايا العصبية الدماغية تتلف بسرعة عند تعرضها للضرر، وتصبح غير قادرة على التجدد. منذ الستينات من القرن الماضي وإلى يومنا هذا لم نجد دراسة تنكر هذه الحقيقة القاسية

البيانات الدقيقة لتقدير سرعة نمو المخ عند الأطفال

توصلت أحدث الدراسات العلمية الطبية إلى أن مخ الإنسان ينمو بسرعة أكبر بعد الولادة، وأن حجم دماغ طفل بعمر ثلاثة أشهر يعادل نصف حجم دماغ الإنسان البالغ. حيث توصل العلماء إلى أن أمخاخ الأطفال حديثي الولادة تنمو بسرعة واحد بالمائة في اليوم بعد الولادة مباشرة، ثم تتباطأ لتصل إلى سرعة نمو تعادل 0.4 بالمائة باليوم بنهاية الشهر الثالث من عمر الطفل. فما هي أجزاء المخ الأكثر سرعة في النمو؟

بينت نتائج الدراسات أن أجزاء المخ المسؤولة عن الوظائف الحركية هي الأسرع نموًا بينما تكون أجزاء المخ المرتبطة بالذاكرة هي الأبطأ في النمو. ويسمى الجزء المسؤول عن الذاكرة في المخ الحصين أو قرن آمون، وهذا ما يفسر عدم تذكر البالغين لذكريات طفولتهم قبل أن يبلغوا السنة الثالثة من عمرهم. ولكن هل لهذا الاختلاف بين الطفل والبالغ في سرعة نمو المخ يمكن أن يعكس اختلافًا من نوع آخر يخص قابلية التجدد للخلايا؟

هل من دراسة تكشف أن الخلايا التالفة في المخ يمكن أن تتجدد

هل تتجدد خلايا المخ عند الأطفال
هل تتجدد خلايا المخ عند الأطفال

يتميز الدماغ البشري بتركيبه وآلياته المعقدة، فهو من يبرمج عمل كل وظائف الجسم. فهناك خلايا دماغية تنظم دقات القلب والضغط، وقسم للوظائف الحركية وقسم آخر لوظائف الإدراك والذاكرة والتعلم، وغيرها الكثير. إلا أنه بالمقابل يتطلب عمل المخ تدفق مستمر للدم إليه بتغذية معينة بكميات من الاكسجين وسكر الغلوكوز. وإن أي انخفاض يطرأ على هذه الكميات سيخفض الطاقة اللازمة لعمل الدماغ.

إذا انخفضت كمية الاكسجين أو سكر الغلوكوز المقدمة للمخ نتيجة لتغيرٍ في تدفق الدم لدقائق معدودة فإن ذلك كفيلًا بإحداث خطر يهدد خلاياه العصبية بالتلف. وبالتالي فإن أي تلف في أحد أجزاء الدماغ سينتج عنه عجزًا وظيفيًا في أحد أجهزة الجسم. ومن المعروف أن خلايا المخ غير قادرة على الانقسام المتساوي عند تضررها. فما يتعرض منها للتلف لا يتعوض ويفقد وظيفته في التحكم في وظيفة أو أكثر من وظائف الجسم الهامة. ومن جهة أخرى فإن الخلايا في المخ حساسة جدًا. وبالتالي فعندما تتلف أو تموت لا تعود الأجزاء التالفة منها للنمو. وذلك لأن محور الخلية العصبية لن يعود للنمو من جذره كما هو الحال في خلايا الجسم الأخرى.

هل يستطيع الطفل المصاب بضمور المخ أن يستعيد نشاطه

دعونا نستمع للإجابة من برنامج الدكتورة كارين باب للجراحة العصبية في مستشفى SickKids في تورنتو بكندا، حيث تولت الدكتورة كارين باب قبل وفاتها بمرض السرطان البحث حول أحدث طرق تحسين العلاجات المتاحة للأطفال المصابين بإصابات دماغية مبكرة. ومازال هذا البرنامج قائمًا إلى الآن من خلال البحث المستمر.

وفي أحدث الأبحاث التي أجريت على الفئران البالغة والصغيرة كانت النتائج حول قدرة الخلايا العصبية في الفئران الصغيرة على التجدد غير مرضية للغاية. وقد أكدت هذه الدراسة صعوبة تعافي مخ الطفل الرضيع المصاب بالشلل الدماغي مقارنة مع البالغ. وقد أطلق الباحثون في هذه الدراسة على إصابة الأطفال بالشلل الدماغي بإصابة الدماغ المستعصية.

يا لها من مفارقة كبيرة. فكيف يمكن أن يتعافى مخ الشخص البالغ ولا يتعافى مخ الطفل الصغير؟ حيث أثبتت الدراسة إمكانية تعافي الإنسان البالغ المصاب بسكتة دماغية بشلل نصفي خفيف والتي تؤثر سلبًا على حركة ساقه وذراعه. مع إمكانية استعادة حركتها السابقة قبل الإصابة. فيما لن يتماثل الطفل المصاب بنفس الإصابة إلى الشفاء، مما يعرضه لضمور المخ.

وإلى اليوم مازال الكثير من الآباء والأمهات ينتظرون بفارغ الصبر ما سيتوصل إليه العلماء في أحدث الأبحاث العلمية الخاصة بإعادة إحياء وتجدد الخلايا الدماغية عند الأطفال. فهل من دراسة سريرية جديدة قريبًا تزف لهم هذا الخبر السار؟ نأمل ذلك.