التسمم المائي أمر نادر الحدوث، لكن من الضروري جدًا أن تكون على درايةٍ بأسباب التسمم المائي، وأن تعرف أهم أعراض التسمم المائي التي يجب مراقبتها، نظرًا لخطورته الشديدة. قد يبدو الحديث عن خطورة الماء شيئًا غير مألوف، فلطالما ارتبط الماء بالحياة، لكن كما هو معروف؛ أي شيءٍ يمكن أن يصبح خطرًا في بعض الظروف. ربما تتساءل الآن عن مدى خطورة الماء، ماذا يخطر في بالك عندما تسمع سم، أو زرنيخ، أو سيانيد؟ هذا صحيح، قد يسبب الماء الموت أيضًا، هل يبدو الأمر صعب التصديق؟ إذن تابع قراءة المقال التالي من موقع طلاب نت لمعرفة المزيد عن التسمم المائي أسبابه، وأهم أعراضه، بالإضافة إلى طرق الوقاية منه.
التسمم المائي
يعرف التسمم المائي (water poisoning) أيضًا بتسمم الماء (water intoxication)، وهو اضطراب في وظائف الدماغ ينجم عن شرب الكثير من الماء. إذ إن شرب الكثير من الماء يؤدي إلى زيادة كمية الماء في الدم، وبالتالي يمكن أن يخفف الشوارد وخاصةً الصوديوم في الدم. حيث يساعد الصوديوم في الحفاظ على توازن السوائل داخل وخارج الخلايا. لذلك عندما تنخفض مستويات الصوديوم بسبب الاستهلاك المفرط للمياه؛ تنتقل السوائل من الخارج إلى داخل الخلايا، مما يؤدي إلى تضخمها. إذا حدث ذلك لخلايا الدماغ يمكن أن يكون التسمم المائي خطيرًا ومهددًا للحياة. إذ إن الجمجمة غير قابلة للتمدد، لذلك عندما يتضخم الدماغ، سيزيد الضغط على الرأس، الذي يؤدي إلى تلف الدماغ والغيبوبة وحتى الموت.
شاهد أيضًا: التسمم الغذائي هل يسبب الوفاة
أسباب التسمم المائي
سبب التسمم المائي هو شرب الماء بشكلٍ زائدٍ ، بحيث لا تستطيع الكلى التخلص منه عن طريق البول. ممّا يسبب نقص صوديوم الدم – يحدث نقص صوديوم الدم إذا انخفضت مستويات الصوديوم عن 135 ملي مول لكل لتر- الذي يُسبب بدوره تضخم الخلايا.
كمية الماء ليست العامل الوحيد فالوقت يلعب دورًا أيضًا في التسبب بتسمم الماء. حيث تشير الأرقام الواردة في دراسة عام 2013 أنه يمكن للكلى التخلص من 20 إلى 28 لتر يوميًا، لكن لا يمكنها إزالة أكثر من 0.8 إلى 1 لتر كل ساعة. لذلك من المهم جدًا عدم التفوق على الكلى بشرب الماء بكميةٍ أكبر ممَّا يمكن التخلص منه.
أسباب عدم تخلص الجسم من المياه الزائدة
تسبب بعض الأدوية والحالات التسمم المائي عن طريق جعل الجسم يحتفظ بمزيدٍ من الماء، وهي تشمل ما يلي:
- قصور القلب الاحتقاني (CHF).
- مشاكل الكلى.
- مرض الكبد.
- متلازمة الإفراز غير الملائم للهرمون المضاد لإدرار البول.
- مرض السكري غير المُنضبط .
- مضادات الالتهاب اللاستيرويدية.
كذلك يمكن أن تتسبب حالات وأدوية أخرى في شرب الماء بشكلٍ مفرطٍ لأنها تسبب الشعور بالعطش الشديد، وهي تشمل ما يلي:
- انفصام في الشخصية.
- إكستاسي (MDMA).
- الأدوية المضادة للذهان.
- مُدرَّات البول.
شاهد أيضًا: التهاب السحايا الأسباب والأعراض وطرق العلاج
أهم أعراض التسمم المائي
يسبب التسمم المائي أعراضًا مختلفةً وفي حالاتٍ شديدةٍ يصبح قاتلًا. فيما يلي أهم أعراض التسمم المائي عند البالغين، وعند الأطفال:
أعراض التسمم المائي عند البالغين
عند استهلاك الكثير من الماء، تبدأ خلايا الدماغ في الانتفاخ، ثمَّ يزداد الضغط في الرأس. ممَّا يتسبب في ظهور أعراض التسمم المائي الأولى، كما يلي:
-
- الصداع.
- الغثيان.
- التقيؤ.
ومع زيادة الضغط ستظهر أعراض أكثر خطورةً مثل:
- النعاس.
- زيادة ضغط الدم.
- رؤية مزدوجة.
- صعوبة التنفس.
- عدم القدرة على تحديد المعلومات الحسية.
في الحالات الشديدة جدًا يمكن أن يسبب التسمم المائي حدوث نوباتٍ وتلفٍ في الدماغ، وغيبوبة، وقد يؤدي إلى الموت.
أعراض التسمم المائي عند الأطفال
يمكن أن يتسبب إعطاء الماء للطفل في وقتٍ مبكرٍ جدًا قبل عمر 6 أشهر أو إعطاء الطفل الكثير من الماء في إصابته بتسمم الماء. الذي تظهر أعراضه كما يلي:
-
- الدوخة.
- الخمول.
- الارتباك والتغيرات السلوكية.
- البول الصافي تمامًا.
- الكثير من الحفاضات المبللة (أكثر من 8حفاضات في اليوم).
- انتفاخ الوجه أو الذراعين أو الساقين.
كذلك يجب الانتباه إلى الطفل خلال وقت الاستحمام والسباحة للتأكد من عدم ابتلاعه الكثير من الماء.
شاهد أيضًا: إزالة الشامة هل يسبب السرطان هل سرطان الشامات خطير
بعد كم ساعة تظهر أعراض التسمم المائي
تميل أعراض التسمم المائي إلى الظهور بعد شرب أكثر من 3 إلى لترات من الماء في غضون ساعاتٍ قليلةٍ مثل ساعة أو ساعتين. في البداية قد تعاني من الصداع أو الارتباك أو النعاس، لكن مع تطور الحالة يمكن أن يؤدي التسمم بالماء إلى الموت في أقل من عشر ساعات. لذلك إذا ظهرت عليك أو على أي شخصٍ آخر إحدى أعراض التسمم المائي المذكورة آنفًا، خاصةً النوبات أو النعاس، فمن الأفضل التماس العناية الطبية على الفور.
أنواع التسمم المائي
هناك نوعان رئيسيان من أنواع التسمم المائي، وكلاهما خطير. نوضحها فيما يلي:
- زيادة تناول الماء Increased water intake: يحدث هذا النوع عند شرب كميةٍ كبيرةٍ من الماء أكثر ممَّا تستطيع الكلى أن تتخلص منه عن طريق البول. يمكن أن يتسبب هذا في تجمع الكثير من الماء في مجرى الدم.
- الاحتفاظ بالماء Retaining water: يحدث هذا النوع عندما لا يستطيع الجسم التخلص من الماء بطريقةٍ صحيحةٍ. كما ذكرنا سابقًا، يمكن أن تتسبب العديد من الأدوية والحالات الصحية في حدوث هذا النوع.
شاهد أيضًا: حبة الخال ما هي أنواع حبة الخال وأسباب ظهورها
الحالات الأكثر عرضة للإصابة بالتسمم المائي
تتضمن الحالات الأكثر عرضة للإصابة بمشكلة التسمم المائي الأشخاصَ الذين يشربون كمياتٍ كبيرةٍ من الماء أثناء نشاطٍ بدني مكثفٍ مثل:
- الأشخاص الذين يشاركون في أحداثٍ رياضيةٍ كالماراثون.
- راكبو الدراجات.
- لاعبو الرجبي.
- الجنود في التدريبات العسكرية.
- نخبة المُجدّفين.
- لاعبو الحديد.
كما تضمنت بعض حالات التسمم بالماء أشخاصًا يعانون من حالةٍ صحيةٍ عقليةٍ؛ خاصةً الأشخاص المصابين بالفصام. بينما نتجت حالات أخرى عن الاستهلاك القسري للماء كشكلٍ من أشكالِ التعذيب.
كمية المياه التي يحدث عندها التسمم المائي
لا توجد كمية ماءٍ محددٍة تسبب دائمًا تسممًا مائيًا يهدد الحياة. فيما أشارت الدراسات إلى أن أعراض التسمم المائي تميل إلى الظهور بعد شرب أكثر من 3 إلى 4 لترات من الماء في غضون ساعاتٍ قصيرةٍ. حيث تستطيع كلى الشخص البالغ أن تتخلص من لتر ماءٍ واحدٍ فقط كل ساعة. بينما تميل الكلى عند كبار السن والأطفال إلى أن تكون أقل كفاءةً. لذلك فإن كمية الماء التي يمكنهم شربها خلال ساعة قد تكون أقل قليلًا. شملت بعض التقارير حول كمية الماء التي يحدث عندها التسمم المائي ما يلي:
- ظهرت أعراض التسمم بالماء على الجنود بعد شرب ما لا يقل عن 2 لتر في الماء في الساعة.
- وفي تقرير آخر حدث التسمم بالماء ونقص صوديوم الدم لسجينٍ يبلغ من العمر 22 عامًا، ويتمتع بصحةٍ جيدةٍ بعد شرب 6 لترات من الماء خلال 3 ساعات.
- أخيرًا، أصيبت طفلة تبلغ من العمر 9 سنواتٍ بتسمم الماء بعد شرب 3.6 لتر من الماء في 3 ساعاتٍ.
شاهد أيضًا: التهاب السحايا أعراضه والأسباب
طرق علاج التسمم المائي
تعتمد طرق علاج التسمم المائي على سبب الحالة ومدى شدة الأعراض. قد تشمل طرق العلاج ما يلي:
- تقييد السوائل: يعد تقييد تناول السوائل الخطوة الأولى في علاج التسمم بالماء، لعكس آثار شرب الماء الزائد. حيث يعطي ذلك الوقت للكلى لمعالجة المياه الزائدة في الجسم والتعافي.
- مدرات البول: يتم وصف مدرات البول لتحفيز الكلى على معالجة المياه بمعدلٍ أسرع. يتم هذا العلاج عادةً بالاشتراك مع طرق العلاج الأخرى، ويكون أكثر فاعليةً مع الشخص الذي عانى من الإجهاد البدني، مما تتسبب في إبطاء وظيفة الكلى.
- إعطاء السوائل الوريدية: إذا أصبحت أعراض التسمم المائي أكثر خطورةً فمن الضروري أن يتم إعادة توازن الإلكتروليتات في الجسم. قد يحتاج الطبيب إلى إعطاء علاجٍ طبي عن طريق الوريد من أجل استعادة توازن الجسم. حيث يزيد العلاج عن طريق الوريد من مستويات الصوديوم المنخفضة في الدم. يتم القيام بذلك بشكلٍ تدريجي لتجنب خطر التعويض الزائد ورفع مستويات الصوديوم بشكلٍ عالٍ.
- تثبيط هرمون الفازوبرسين: عندما يمر الشخص ببعض الإجهاد الجسدي يمكن أن يفرز جسمه هرمون الفازوبرسين، والذي يعرف أيضًا بالهرمون المانع لإدرار البول؛ لأنه يضعف وظائف الكلى. لذلك قد يحتاج الطبيب إلى إعطاء دواء لتثبيط هرمون الفازوبرسين إذا كانت مُدر البول غير كافٍ.
طرق منع الإصابة التسمم المائي
إن كنت تشرب الكثير من الماء خلال فترةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ، فهناك بعض الطرق التي يمكن أن تساعد في منع الإصابة بالتسمم المائي، كما يلي:
- التمسك بشرب الماء عند أول شعور بالعطش، لكن بمجرد الارتواء توقف عن الشرب، حتى يبدأ شعور العطش مرةً أخرى.
- البول الصافي وحده ليس علامةً سيئةً بالضرورة، ولكنه مؤشر جيد على عدم حاجة الجسم إلى شرب أي ماء لفترة من الوقت.
- إن كنت توشك على القيام بتمارينٍ مكثفةٍ، ففكر في شرب المشروبات الرياضية، التي تحتوي على السكر مع إلكتروليتات مثل الصوديوم والبوتاسيوم.
شاهد أيضًا: الفرق بين التهاب السحايا الفيروسي والبكتيري
كمية المياه التي يحتاجها الجسم بشكل يومي
لا توجد إرشادات رسمية حول كمية المياه التي يحتاجها الجسم بشكلٍ يومي. حيث تختلف كمية الماء الصحيحة بناءً على عدة عوامل مثل وزن الجسم ومستوى النشاط البدني والمناخ. مع ذلك، فإنَّ الاعتماد على العطش لشرب الماء قد لا يصلح للجميع، فكبار السن والحوامل والرياضيون يحتاجون إلى شرب المزيد من الماء.
يمكن أن تساعد معرفة السعرات الحرارية في تقدير كمية المياه المناسبة. على سبيل المثال إن كان الشخص يستهلك 2000 سعرة حرارية يوميًا، فيجب أن يستهلك أيضًا 2000 ملليلتر من الماء يوميًا.
طرق الوقاية من الإصابة بالتسمم المائي
إن شرب الكثير من الماء عن طريق الصدفة نادر الحدوث، لكن لا بُدَّ للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بتسمم الماء من الوقاية. تشمل بعض طرق الوقاية من الإصابة بالتسمم المائي ما يلي:
- يمكن للرياضيين الذين يمارسون تمارين التحمل أن يقللوا من خطر الإصابة بتسمم الماء عن طريق قياس وزنهم قبل وبعد ممارسة الرياضة. حيث يساعد ذلك في تحديد كمية المياه التي فُقدت والتي يحتاجون إلى تجديدها.
- شرب 2 إلى 4 أكواب من الماء كل ساعة أثناء ممارسة الرياضة. في حال ممارسة الرياضة لمدةٍ تزيد عن ساعة، فإن المشروبات الرياضية تعد خيارًا أيضًا.
- بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية مثل قصور القلب الاحتقاني أو الكلى أو مرض السكري، وكذلك الذين يتناولون دواءً لحالةٍ، معينةٍ، أو يعانون من العطش الشديد؛ من الأفضل استشارة الطبيب.
شاهد أيضًا: داء السكري من النوع 2 الأعراض والأسباب
ختامًا، في حين يمكن أن يؤدي التسمم المائي إلى الموت إلا أنه نادر الحدوث. حيث يتطلب حدوث ذلك شرب الكثير من الماء خلال فترةٍ قصيرةٍ، وهذا ما يجد معظم الأشخاص صعوبة في القيام به. لكن إن كنت من الرياضيين أو تمارس نشاطًا بدنيًا شاقًا فقد تكون أكثر عرضةً لخطر الإصابة بتسمم الماء. في هذه الحالة عليك اتباع الطرق السابقة التي تساعد في تجنب خطر الإصابة بالتسمم المائي.