الطفل الرضيع عالِمٌ صغيرٌ يستكشف العالم الكبير بطريقة التجربة والخطأ، ويعكس تجاربه لتظهر لنا من خلال علامات تطور المهارات الحركية والحسية لديه، عبر مراحل تطور إدراك الرضيع حتى السنتين من عمره والمرافقة لنموه.
سيدتي، كثيرًا ما تلاحظين طفلك يرمي الكرة ليشاهد تدحرجها، وفي مرحلة أخرى قد تجدينه مستمتعًا بتجربته في إخراج معجون الأسنان من الأنبوب. كل ذلك يعكس نمو طفلك الإدراكي بمراحله المختلفة. لنتعرف في هذا المقال على كل مرحلة من مراحل تطور إدراك الرضيع.
تطور إدراك الرضيع حتى السنتين من العمر
عزيزتي الأم على الرغم من وجود معايير علمية توضح مراحل تطور إدراك طفلك إلا أنه وفقًا لمنظمة الصحة العالمية تعد التغذية الصحية تزامنًا مع الرعاية والتحفيز والاستجابة والتواصل مع الطفل من قبل الأبوين والبيئة من أهم عوامل نمو وتطور إدراك الطفل. وهذا ما يظهر الفوارق الإدراكية بين الأطفال.
كما عليكِ أن تدركي أن عملية التطور الإدراكي خلال السنة الأولى هامة للغاية.
بينما تضم مراحل تطور إدراك الطفل الرضيع كلًا من المؤشرات والجوانب التالية:
- مراحل تطور الذكاء الحسي الحركي للطفل. حيث تعود المرجعية العلمية لمراحل تطور المهارات الحسية والحركية لدى الطفل الرضيع إلى العالمين بياجيه وسنسريموور.
- تطور قدرات التعلم والذاكرة.
- قدرات تطور اللغة.
- تطور التواصل.
- النطق المتعمد.
مراحل تطور الذكاء الحسي الحركي عند الطفل حتى عمر السنة
تسمى المرحلة الأولى من مراحل تطور إدراك الرضيع، وهي من الولادة حتى الشهر الأول بمرحلة التأثير العكسي. فنلاحظ التعلم النشط وعلامات تطور المهارات لدى الطفل من خلال ردود الأفعال البصرية والسمعية والحسية.
كما يعد كلًا من التحديق والاستماع وإمساك إصبع الأم بيد الرضيع والمص وتطور حركات اللسان أشكالًا من التأثير العكسي الذي يمهد الطريق للمرحلة الثانية من الإدراك. لتبدأ المرحلة الجديدة التي تمتد حتى الشهر الرابع، وتبدأ معها التكيفات مع البيئة. حيث يصبح الطفل قادرًا على التمييز بين الأشياء ليعدل من استجاباته الجسدية اللاإرادية ويستبدلها بالإرادية.
فقد تسعد الأم عندما تجد لأول مرة طفلها منخرطًا بسلوك جديد (السلوك الدائري الأولي) كاستجاباته للنطق بجسده عن طريق الصدفة أو تطور مهاراته في المص.
بينما تظهر المرحلتان الفرعيتان الثالثة والرابعة (حتى عمر السنة) استجابات الرضيع للأشياء والأشخاص (التفاعلات الدائرية الثانوية). وهنا لم تعد استجاباته محصورة بجسده. بل ستظهر تفاعلاته مع الأشياء. بينما تخصص المرحلة الخامسة لتطور لأفعال والسادسة للأفكار ليصبح الطفل أكثر إبداعًا في والتفكير والحركات.
مراحل تطور إدراك الرضيع الحسي والحركي من السنة حتى السنتين
سيدتي، مع بلوغ طفلك عمر السنة سيبدأ بالتواصل البصري الفعال مع المحيط، ليستكشف كل جديد، ويساعده على ذلك نموه الجسمي. حيث بإمكانه الآن السير باتجاه كل ما يلفت نظره لالتقاطه. بالإضافة إلى ذلك فإنه يختار في هذه المرحلة طعامه بنفسه من خلال الإشارة باليد. وفي نهاية هذه المرحلة سيصبح يتمكن من التعبير عن مشاعره من خلال إيماءات الوجه أو الضحك أو البكاء. كما أصبح بإمكانه الابتعاد عن ما يؤذيه كابتعاده عن الكأس الساخن بعد تدريبه على ذلك.
علامات كل شهر خلال مراحل نمو الطفل الإدراكي
- خلال الشهر الأول سيتمكن الطفل من ملاحظة الوجوه، وحفظ وجه أمه.
- عند الشهر الثاني يمكنه أن يركز في النظر لما أمامه ويستجيب للضجيج، ويتمكن أخيرًا من إصدار الأصوات والابتسامة.
- خلال الشهر الثالث سيلحق الأشياء بناظريه ويضم يديه لبعض.
- خلال الشهر الرابع يمكنه أن يتحكم برأسه وأن يرفع جسده للأعلى عند استلقائه على بطنه.
- عند الشهر الخامس سيضحك ويصدر أصواتًا أثناء اللعب، ويحاول الوصول للأشياء والإمساك بها.
- عند الشهر السادس سيتمكن من تثبيت رأسه جيدًا عند الجلوس.
- خلال الشهر السابع سينقل الألعاب من يده الأولى للثانية.
- خلال الشهر الثامن سيتمكن الطفل من حمل جسمه على الساقين للوقوف، والجلوس بمفرده، مع إمكانية تناول الطعام بيده.
- عند الشهر التاسع يمكنه تمييز أصوات الأشخاص، وأن يلتفت عند سماع صوت أمه ويتجاوب معها في اللعب.
- في عمر العشرة أشهر سيبدأ الطفل الرضيع بنطق كلمات بابا وماما. كما يمكنه أن يقف وهو يمسك بلعبته.
- خلال الشهر الحادي عشر سيتمكن الطفل الرضيع من التحكم بحركات أصابعه عند مسك الأشياء الصغيرة، وإتقان جلسته.
- في عمر السنة سيتمكن من التقاط الأشياء جيدًا، ونطق بعض الكلمات والعبارات غير المفهومة كتعبير عن رغباته.
تطور قدرات التعلم والذاكرة عند الرضع
تعد الذاكرة أمرًا أساسيًا للتطور المعرفي عند الأطفال. إلا أن بعض العلماء (مثل بياجيه) قد قللوا من قدرة الذاكرة عند الرضع. وقد يرجع ذلك إلى الحقيقة العلمية التي تكمن وراء النمو البطيء للجزء المسؤول عن الذاكرة في الدماغ وهي الحصين. كما ذكر بياجيه أن أثر الذاكرة يظهر من خلال تعرف الطفل الرضيع على الأم من خلال الوجه والصوت والرائحة خلال الشهر الأول لتكوين الذكريات الحسية. ومن ثم تكوين الذكريات الحركية عندما يبلغ الشهر الثالث وبعد ذلك يبدأ تكوين ذكريات اللغة خلال تسعة أشهر.
وسيشهد العام الثاني من عمر الطفل النمو الأكبر في الذاكرة، حيث يستذكر الصور بوضوح ودقة أكثر من السابق.
قدرات تطور اللغة عند الأطفال الرضع
على الرغم من التعقيد الملحوظ للغة إلا أن التطور اللغوي يدخل ضمن مراحل نمو الطفل الإدراكي. وكثيرًا ما يعتقد البالغون أن تعلم اللغة من المهمات الشاقة، إلا أنه بالنسبة للأطفال لن يكون الأمر كذلك أبدًا. فالأطفال يتقنون اللغو بسرعة وبكل سهولة.
كما يبدأ الأطفال في تعلم اللغة منذ سن مبكرة جدًا. حيث يظهر الأطفال الرضع وحديثي الولادة تفضيلهم لصوت أمهاتهم، لقدرتهم على التمييز بين اللغة التي تتحدثها أمهاتهم ولغات الآخرين. يتكيف الأطفال أيضًا مع اللغات المستخدمة من حولهم ويعرضون تفضيلات لمقاطع الفيديو للوجوه التي تتحرك بالتزامن مع صوت اللغة المنطوقة مقابل مقاطع الفيديو التي لا تتزامن مع الصوت.
أما في عمر السنتين سيكون التطور اللغوي لدى الطفل أسرع بكثير بسبب تطور المنطقة المسؤولة عن اللغة في الدماغ. حيث سينطلق كلماته بطلاقة ويبدأ بصياغة الجمل. وذلك من أبرز علامات تطور المهارات اللغوية.
تطور التواصل لدى الطفل
هل يتمكن الأطفال الرضع حديثي الولادة من التواصل؟ نعم بالتأكيد. لكنهم لا يتواصلون باستخدام اللغة. بل يتواصلون عبر نقلهم لأفكارهم واحتياجاتهم من خلال وضع الجسم (الاسترخاء أو السكون) والإيماءات والبكاء وتعبيرات الوجه. لذلك قد يتمكن الشخص الذي يقضي وقتًا كافيًا مع رضيع أن يتعلم أي الصيحات تشير إلى الألم وأيها يشير إلى الجوع أو الانزعاج أو الإحباط.
النطق المتعمد عند الأطفال
عزيزتي الأم هل تعلمي أن طفلك الرضيع يبدأ بالنطق وتكراره خلال الشهرين الأولين من حياته؟ حيث يمكنه تأدية الغناء الموسيقي المسمى بالهدل كمصدر للترفيه وذلك عندما تضعيه في وضع القيلولة أو جالسًا في رحلة بالسيارة. كما يساعد الهدوء النسبي أحيانًا الطفل على ممارسته للنطق. كما أنه يسمح للرضيع بسماع صوته ومحاولة تكرار الأصوات المسلية.
ينطق الطفل بين الشهرين السادس والتاسع نغمات مفصلة تعد أساسًا لأي لغة. كالأصوات الحلقية والنقرات والحروف الساكنة وأصوات الحروف المتحركة. حيث يكرر الأطفال مقاطع لفظية معينة، مثل ما- ما- ما، ويسمى هذا نطق الثرثرة بسبب الطريقة التي يبدو بها. وهكذا حتى يصبح الطفل في النهاية أكثر اعتيادًا على لغة معينة.
وختامًا عزيزتي الأم، يعد تواصلك وتفاعلك وتحفيزك الدائم لطفلك العامل الأكبر في التطور والنمو الإدراكي له. كما يعد ذلك مفتاحًا هامًا للكشف والتشخيص المبكر لأهم مشاكل التعلم والذاكرة والمهارات لديه. وتبقى صحتك وصحة طفلك أغلى ما لدينا.
