الأبراكسيا عند الأطفال، أو تعذر الأداء النطقي بالطفولة من أكثر المشاكل شيوعًا بين الأطفال، حيث يعاني خمسة عشر بالمئة ممن هم بعمر العامين من اضطرابات أو تأخر النطق للأطفال. بينما يتمكن سبعون بالمئة منهم من تجاوز هذه الاضطرابات عندما يصبح عمرهم أربعة أعوام.
ما هي أسباب الأبراكسيا في الطفولة؟ وما هي أهم أعراض تعذر الأداء النطقي عند الأطفال؟ وما هي عوامل الخطر والمضاعفات المحتملة؟ كل ذلك ستتعرفون عليه من خلال المقال التالي.
تعذر الأداء النطقي بالطفولة أعراض وأسباب
تعد الأبراكسيا أو تعذر الأداء النطقي بالطفولة أكثر شيوعًا بين المواليد الذكور مقارنةً مع الإناث. حيث يواجه الأطفال المصابون بهذه الحالة من صعوبة في التخطيط والتنسيق العصبي اللازم لتحريك العضلات الخاصة بالكلام كاللسان والشفتين والفك والحنك بحركات دقيقة ومحددة مما يجعل النطق لديهم غير واضح. وتختلف أعراض الأبراكسيا حسب المرحلة العمرية للطفل.
أسباب الأبراكسيا عند الأطفال
في كثيرِ من الأحيان يكون السبب الكامن وراء الأبراكسيا أو تعذر الأداء النطقي عند الأطفال مجهولًا. لكن ما هي الأسباب المدروسة التي يمكن أن ترجع لها الأبراكسيا؟
غالبًا ما ترتبط الحالات الأكثر سوءًا للأبراكسيا بإصابات عصبية معروفة كالشلل الدماغي في مرحلة ما قبل الولادة أو أثنائها أو بعدها أو سرطان الدماغ، أو التعرض للصدمات. بالإضافة إلى بعض الاضطرابات السلوكية العصبية كالتوحد أو الصرع أو تشوهات الكروموسومات أو الغالاكتوسيميا (الغالاكتوز في الدم). كما أرجع الباحثون الحالات المعقدة من الأبراكسيا لطفرات جينية أو فقدان في المادة الوراثية.
أعراض تعذر الأداء النطقي عند الأطفال
وفقًا للجمعية الأمريكية للسمع والنطق واللغة (ASHA) تختلف أعراض تعذر الأداء النطقي للأطفال من طفل لآخر. فالأشخاص الذين يعانون من الأبراكسيا قد لا تظهر لديهم جميع الأعراض المحتملة.
كما يمكن حصر أعراض وعلامات تعذر الأداء النطقي في الطفولة حسب المرحلة العمرية للطفل بما يلي:
الأبراكسيا منذ مرحلة الولادة وحتى عمر السنة
الأبراكسيا عند الأطفال- انعدام ردود الفعل تجاه الضجيج.
- ندرة إصدار الأصوات.
- غياب الابتسامة.
الأبراكسيا من عمر السنة وحتى عمر السنتين
- التأخر بالنطق في عمر السنتين (حتى الكلمات السهلة).
- عدم التمكن من إصدار الأصوات المتعددة.
- عدم محاولة الطفل تكرار ما يسمع.
- الضعف في تكوين الأصوات الساكنة والمتحركة.
الأبراكسيا من عمر السنتين حتى الثلاث سنوات
- عدم القدرة على التواصل السمعي واللفظي، والاكتفاء بالتواصل بالإيماءات.
- صعوبة في نطق الكلمات الجديدة والاكتفاء بالكلمات الروتينية السهلة.
- عدم المقدرة على تقليد صوت حيوان أليف.
علامات تعذر الأداء النطقي عند الأطفال
يمكن للأبوين أن يلاحظوا اضطرابات النطق لدى طفلهم من خلال الإشارات التالية المنبهة لذلك:
- عدم التمكن من التحرك السلس من صوت لآخر، والفصل الزمني الكبير بين المقاطع.
- عدم القدرة على تحريك العضلات الخاصة بالفك والشفة لتأدية الحركات اللازمة لإصدار الأصوات بشكلها الطبيعي.
- أداء الحروف المتحركة بشكل خاطئ (علامة هامة).
- استعمال الشدة بمكان غير مناسب من الكلمة.
- عدم التمكن من نطق الكلمات السهلة، مع صعوبة تكرار الكلمة مرتين.
تشخيص الأبراكسيا
يتمكن اختصاصيو التخاطب من تشخيص الأبراكسيا. كما يشمل النهج المستخدم في تشخيص اضطرابات أو تأخر النطق عند الأطفال كل من:
- فحوصات السمع للتأكد من عدم وجود مشاكل سمعية مسببة للحالة.
- فحص العضلات المحركة للفم والمسؤولة عن الكلام. كفحص عضلات الحنك والفك الهيكلية مع إجراء تدريبات النفخ والابتسامة وغيرها للطفل.
- تقييم النطق من خلال نطق الكلمات وصياغة الجمل والتعبير الصحيح عن بعض الصور.
- تقييم الإيقاع واللحن عند التحدث.
- فحص إمكانية القدرة على تكرار مقاطع معينة.
اختلاطات اضطرابات النطق الأخرى مع تعذر الأداء النطقي بالطفولة
عزيزتي الأم ليس كل تأخر في النطق لدى الطفل دليلًا على الإصابة بالأبراكسيا. فقد لا يعاني الطفل من مشكلة التنسيق العصبي للحركات من أجل الكلام. بل يعاني من عسر اللفظ بسبب عدم مرونة العضلات المسؤولة وعدم القدرة على التحكم بها.
كما يمكن أن يعاني الطفل من صعوبة في تعلم كيفية تأدية الأصوات أو يعاني من اضطراب في الصياغة. أما أهم أخطاء الصياغة والأخطاء المرتكبة بالنطق الصوتي التي قد تختلط مع أعراض الأبراكسيا فهي:
- تبديل الأصوات عبر تبديل الأحرف كأن يلفظ الطفل كلمة توب بدلًا من كوب.
- إيقاف تيار الهواء الداخل عند لفظ بعض الأحرف.
عوامل الخطر للأبراكسيا
يعد التغير الذي يطرأ على المورثة FOXP2 أحد أخطر العوامل المسببة لتعذر الأداء النطقي لدى الطفل. لأنها المورثة المسؤولة عن النقل العصبي من الدماغ، والتناسق في الحركات من أجل النطق الصحيح. بالإضافة إلى ذلك نجد أن الإصابات العصبية كالشلل الدماغي من أهم عوامل الخطر الأخرى.
المضاعفات المحتملة لاضطرابات أو تأخر النطق للأطفال
إنها المضاعفات المرضية المرافقة للأبراكسيا عند الأطفال وتشمل:
- اضطرابات المهارات اللغوية، حيث يواجه الطفل صعوبة في معالجة الكلام وعدم امتلاكه للمفردات الكافية للتعبير، مع ظهور الأخطاء اللغوية عند تشكيل الجمل بكثرة مقارنةً مع الأطفال الطبيعيين.
- تأخر المهارات المعرفية والحركية والحسية، وقد تظهر مشكلات القراءة والكتابة في عمر المدرسة.
- عدم القدرة على تنسيق الحركات.
- قد يبدي بعض الأطفال المصابين بتعذر الأداء النطقي حساسيةً تجاه بعض المواد.
العوامل التي تؤثر في نجاح تشخيص تعذر الأداء النطقي بالطفولة
- ارتفاع نسبة الوعي والمعرفة عن الأبراكسيا من قبل الاختصاصيين والأطباء والأسرة.
- توفر المزيد من الأبحاث التي تتناول تأخر واضطرابات النطق بالطفولة.
- التشخيص والتقييم المبكر.
وختامًا يبقى للأبوين الدور الأكبر في تشخيص الأبراكسيا عبر التواصل الفعال والمراقبة الدورية لطفلهم. وتقع على عاتقهم المهمة الأكبر في العلاج من خلال تدريبات النطق في المنزل بالتعاون مع الاختصاصيين لتدريب الطفل المصاب على كلمات وعبارات محددة عبر جلسات علاج النطق بالتدريبات المنزلية اليومية القصيرة.