إذا تحدثنا عن أهم الأمراض التي تصيب الكلى عند المواليد الجدد لا بد لنا من ذكر مشكلة توسع حوض الكلى عند الجنين أو ما يسمى استسقاء الكلى عند الجنين.
تعد الكلية بمثابة مصفاةٍ في محطة معالجة، باعتبارها العضو الأساسي الذي ينقي جسم الإنسان من السموم والفضلات.
تتوضع الكليتان في جسم الإنسان الطبيعي عند الولادة على جانبي العمود الفقري تحت الحجاب الحاجز إلى خلف التجويف البطني. كما تؤدي الكلى العديد من الوظائف الهامة في الجسم. ومنها تخليص الجسم من الفضلات والسموم والحفاظ على درجة الحموضة والمساهمة في تنظيم ضغط الدم وغيرها.
من جهة أخرى كثيرًا ما يولد الأطفال وهم مصابون بمشاكل كلوية. وترجع المشاكل الكلوية لأسباب عديدة. كما يعد توسع حوض الكلى من الإصابات الشائعة التي تولد مع الأطفال. مما يدفعنا لتسليط الضوء في هذا المقال على توسع وتضخم حوض الكلى بالإضافة للاستسقاء الكلوي عند الجنين. وذلك للحد من تداعيات هذه الإصابة قبل أن يدق جرس الإنذار الذي يهدد حياة الطفل بعد الولادة.
توسع حوض الكلى عند الجنين
سيدتي، الكلى هي جزءٌ من الجهاز البولي الذي تشكل في وقت مبكر من تطور طفلكِ في الرحم. وعادةً ما تتكون كل كليةٍ من جزأين أحدهما خارجي لتصفية دم الطفل وإنتاج البول. أما الجزء الآخر فهو الجزء المركزي الداخلي الذي يسمى الحوض الكلوي، وهو يعمل كمنطقة تجميع للبول قبل أن يخرج من الكلى باتجاه أنبوبٍ يسمى الحالب ومنه إلى المثانة. ثم يتم تخزين البول في المثانة حتى يتبول الطفل.
قد يخبر الأطباء الأم الحامل أن الجنين مصابٌ بتوسع حوض الكلى (RPD). وذلك بعد خضوعها إلى التصوير بالموجات فوق الصوتية بهدف الاطمئنان على سلامة الجنين قبل الولادة. كما يمكن أن يحدث توسع حوض الكلى أو استسقاء الكلى في إحدى الكليتين أو كليهما. وقد يختلف مقدار التوسع في الحجم أثناء فترات الحمل المختلفة.
وفقًا لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة يتم عادةً فحص كليتي الجنين أثناء عملية المسح بالموجات فوق الصوتية. فإذا وجد الأطباء أن منطقة حوض إحدى الكليتين أو كليهما أوسع من الحالة الطبيعية فهذا يدل على إصابة الجنين بتوسع حوض الكلى.
حيث يقيس الأطباء حجم كامل الحوض الكلوي من الأمام إلى الخلف في قسمٍ من بطن الطفل، وذلك للتحقق من مدى توسعه.
ويبلغ القياس المعتاد للحوض الكلوي أقل من 7 مم قبل الأسبوع الرابع والعشرين من الحمل. بينما تكون قيمته أقل من 10 مم بعد الأسبوع الثامن والعشرين من الحمل. فإذا كانت قيمة القياس أكبر من هذه القيم في أي مرحلة من مراحل الحمل، فهذا يؤكد وجود اتساع بالحوض الكلوي عند الجنين.
أسباب اتساع حوض الكلى عند الجنين
لا تعد الإصابة بتوسع حوض الكلى مرضًا قائمًا بحد ذاته بل تنتج هذه الإصابة عن أمراض أخرى تسبب تداعياتها توسع حوض الكلى. أما أهم هذه المسببات فهي:
- كثيرًا ما تسبب الانسدادات على طول مجرى البول من الكلية وحتى مكان خروج البول بحدوث استسقاء الكلية وتضخمها عند الجنين. فعندما يحدث الانسداد في الحالب، يمكن أن يرتد البول إلى الكلى ويسبب تضررها وتضخمها وهو ما يسمى موه الكلية الذي يؤدي بدوره لتوسع حوض الكلى عند الجنين.
- يمكن أن تسبب التشوهات الخلقية في الجهاز البولي كمرض الكلى المتعدد الكييسات (PKD) الذي يظهر على شكل عدة عناقيد شبيهة بالعنب. وهي عبارة عن الأكياس المملوءة بالسوائل التي تجعل حجم الكليتين أكبر بمرور الوقت مما يسبب توسع حوض كلية الجنين. كما تستحوذ هذه الأكياس مع الوقت على أنسجة الكلى العاملة وتدمرها مسببةً الفشل الكلوي واستسقاء الكلى للأطفال حديثي الولادة.
- من أهم العيوب الخلقية المسببة لتوسع حوض الكلى عند الجنين حدوث تضيق في الإحليل.
- يحدث توسع حوض الكلى عند الأطفال عند حدوث حادثة الارتجاع، أي تدفق البول من المثانة إلى الكلية. وذلك عندما لا ينغلق الصمام الموجود بين المثانة والحالب تمامًا. مما يسبب استسقاء الكلى.
كيف يشخص استسقاء الكلى لدى الجنين
كثيرًا ما يشخص الأطباء توسع حوض الكلى (تضخم الكلى واستسقائها) عند الجنين قبل ولادة الأم الحامل. كما يستخدم الأطباء في التشخيص الموجات فوق الصوتية أو ما يسمى السونار. حيث يعرف السونار بأنه تصويرٌ بالموجات الصوتية عالية التردد. حيث يلتقط الصور الحية والمباشرة من الأعضاء المختلفة في داخل جسم الإنسان. لذلك يستخدمه الأطباء بحثًا عن العيوب الخلقية للكلى عند الأطفال أو لمراقبة التغييرات التي تطرأ على الإصابة. كما يعد استخدام السونار آمنًا دون أية مخاطرٍ تذكر.
ومن الجدير بالذكر أن استخدام السونار المتطور يسهل الأمر على الأطباء في اكتشاف الإصابة بتوسع حوض الكلى عند الجنين منذ بداية الأسبوع الأخير من الشهر الثالث من الحمل.
وعادةً ما يتسع حوض الكلى مع تطور الجنين بالحالة الطبيعية، بحيث يقل قياسه عن 4 ملم في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. بينما ترتفع قيمته لتغدو بين 5 -7 ملم في الشهر السادس من الحمل. حتى تبلغ قيمته ما يقارب 7-10 ملم في الأشهر الأخيرة من الحمل. وبالتالي إذا ارتفعت قيمة قياس حوض الكلى عند الجنين عن هذه القيم خلال أشهر الحمل المختلفة فذلك يعد مؤشرًا للإصابة باستسقاء الكلى أو ما يسمى توسع حوض الكلى عند الجنين.
طرق علاج استسقاء الكلى عند الجنين
غالبًا ما يؤخر الأطباء علاج توسع حوض الكلى عند الجنين الناتج عن العيوب الخلقية أو غيرها بعد الولادة. وذلك لخطورة التدخلات الطبية أثناء الحمل على الجنين إلا في الحالات الشديدة التي تهدد حياته. وكثيرًا ما يلجأ الأطباء إلى الولادة المبكرة للإسراع في تقديم العلاج للطفل والحد من تداعيات الإصابة.
بينما يسرع الأطباء بعد الولادة بإجراء تصوير السونار للطفل. وقد يلجؤون لوصف المضاد الحيوي المناسب بصورة مؤقتة ريثما يتوصلون إلى العلاج النهائي للحالة والذي قد يكون بإجراء عمل جراحي لعلاج الخلل المسبب لتوسع الكلى. بينما قد تزول بعض حالات استسقاء الكلى بعد الولادة من تلقاء نفسها.
وختامًا يعد الفحص الطبي للأم الحامل من أهم وسائل الكشف المبكر عن الإصابات الجنينية المختلفة لتلافي تداعياتها الخطرة ومنها توسع حوض الكلى عند الجنين.
ويبقى وعي الأم والتزامها بالقواعد الطبية والصحية اللازمة لحماية جنينها أو طفلها المصاب بتوسع حوض الكلى الملاذ الآمن لعلاج الإصابة والحفاظ على سلامة الطفل.