الصين واستخدام الفحم: بكين تدفع لزيادة الانبعاثات الخطرة على البيئة؟ ,
على الرغم من الدعوات المستمرة من قبل المنظمات البيئية والحكومات الصديقة للبيئة والناشطين البيئيين إلى ضرورة الحد من التلوث البيئي والابتعاد عن الطرق البدائية لاستخدام الطاقة في المصانع الكبيرة، وخاصة الفحم الذي عند حرقه ينتج غاز ثاني أكسيد الكربون الضار بالصحة، خاصة وأن مشكلة انبعاث ثاني أكسيد الكربون تعتبر من أكبر المشاكل البيئية التي تواجه الأرض. لكن مثل هذه الدعوات لم تلق آذانا صاغية من قبل الدول الاقتصادية الكبرى التي تعتمد بشكل كبير على الطاقة الأحفورية بكميات كبيرة في مصانعها، وعلى رأسها الصين التي لم تلتزم بتعهداتها بشأن تقليل استخدام الوقود الأحفوري، وخاصة الفحم. .
وتحظى الصين بنصيب الأسد من تمويل مشاريع الفحم، إذ تمول 76 بالمئة من الفحم، أو بالأرقام، نحو 93 مليار دولار من ثاني أكبر اقتصاد في العالم العام الماضي، وما زالت… حجم التمويل البنكي يعد تعدين الفحم البيئة الأكثر تلويثًا على الإطلاق، بمستويات عالية، وفقًا لتقرير صادر عن باحثين في BloombergNEF.
وفي الواقع، تعد جمهورية الصين الشعبية من أكبر الدول التي تواصل تصدير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، حيث تنتج 12.7 مليار طن متري من الانبعاثات سنويًا، علمًا أنه منذ عام 1850 وحتى اليوم، أطلقت الصين 284 مليار طن من الانبعاثات. ثاني أكسيد الكربون.
خطر التلوث قادم من الصين؟
وكانت وكالة الطاقة الدولية توقعت ارتفاع الطلب على الفحم بنسبة 4.1 بالمئة عام 2023، متجاوزا حاجز 5.8 مليار طن للمرة الأولى، مشيرة إلى أن هناك اختلافات كبيرة بين الدول الصناعية والناشئة فيما يتعلق بتطورات الطاقة بشكل عام، كما أنها ومن المرجح أن يكون هناك انخفاض قياسي بنحو 20 بالمئة في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، لكن الطلب في الاقتصادات الناشئة والنامية لا يزال قويا للغاية، مما يشير إلى زيادة في نسبة استخدام الفحم بنسبة 5 بالمئة في الصين. .
ويأتي الطلب المتزايد على استخدام الفحم في الدول النامية بسبب الحاجة الملحة لإنتاج المزيد من الطاقة الكهربائية على الرغم من الانخفاض المتوقع في استخدام الفحم. ومع ذلك، يعتقد الخبراء أن استهلاك الفحم سيظل أعلى من 8 مليارات طن سنويا حتى عام 2026، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.
وفي هذا السياق، أكدت الخبيرة البيئية إقبال لطيف في حديث لـالحال نت أن أحد أهم أسباب ظاهرة الاحتباس الحراري هو استخدام الفحم كوقود لإنتاج الطاقة. لأن حرقه يولد ثاني أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكبريت، وثاني أكسيد النيتروجين، موضحا أن ثاني أكسيد الكربون هو المسؤول الأول عن ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ، مما يسبب ارتفاع درجة الحرارة وزيادة درجة حرارة المياه السطحية في الأنهار والمياه الجوفية، وأن ويؤدي بدوره إلى ذوبان الجليد، مما يسبب خللاً في التوازن الحراري على الأرض.
يؤدي استخدام الطاقة غير النظيفة إلى اختلاف كمية الأمطار من منطقة إلى أخرى. فنجد مناطق تشهد جفافاً شديداً وندرة في هطول الأمطار، ومناطق أخرى تشهد فيضانات وأمطاراً غزيرة. أما بالنسبة للاحتباس الحراري فهو يسبب تدهور التربة مما يؤثر سلبا على الصحة العامة للإنسان فضلا عن اختفاء التنوع. بيولوجية الحيوانات وعدم إنبات البذور، بحسب لطيف.
قلة البدائل وزيادة الإنتاج
تم الكشف عنه في 17 سبتمبر 2023 البيانات الرسمية الصينيةحول حجم إنتاج الصين من الفحم الخام، والذي بلغ 3.05 مليار طن، بزيادة 3.4 بالمائة على أساس سنوي خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023، والبيانات الرسمية الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء، بحسب “الصيني” وأظهرت وكالة “شينخوا” أن إنتاج الصين من الفحم الخام ارتفع بنسبة 2 في المائة على أساس سنوي في أغسطس الماضي ليصل إلى 380 مليون طن، مشيرة إلى أن نمو إنتاج الفحم الصيني كان أعلى بنسبة 1.9 نقطة مئوية عن نظيره في يوليو الماضي.
واستوردت الصين 44.33 مليون طن من الفحم في أغسطس 2023، بزيادة قدرها 50.5 في المائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2022، في حين كان نمو واردات الفحم الخام أقل بـ 16.7 نقطة مئوية عن نظيره في يوليو 2023، وفقا للوكالة الصينية. شينخوا.”
ويرى الخبير البيئي إقبال لطيف أن دولا مثل الصين والهند وغيرها من الدول التي لديها مصانع كبيرة وصناعات ضخمة تعتمد على استخدام الفحم. لأنه لا يوجد لديه بديل آخر للفحم، وقد يتوفر البديل ولكنه غير كافي أو باهظ الثمن، مما يدفع هذه الدول وأهمها الصين إلى استخدام كميات كبيرة من الفحم لتغطية النقص لديها.
ولا تمتلك الصين أي إمكانيات لتطوير نظام إنتاج الطاقة لديها ليكون صديقا للبيئة في المستقبل القريب، مثل الطاقة الشمسية ومصادر الطاقة النظيفة الأخرى. لأنه يتطلب وقتا أطول وتكاليف عالية، ما يعني استمرار استخدام الفحم وبالتالي يزيد من تدهور الوضع البيئي حول العالم، بحسب الخبير البيئي إقبال لطيف.
هل تلتزم الصين بتعهداتها البيئية؟
وتظل قدرة الصين على تحقيق تحسن سنوي في كفاءة استخدام الطاقة المتجددة بنسبة 4 في المائة محل شك بالنسبة للكثيرين، نظرا للتباطؤ الأخير في الاقتصاد الصيني، والذي يؤدي إلى حالة من عدم اليقين بشأن استمرار التحسن في كفاءة الطاقة، وتشير البيروقراطية الصينية – التردد في تحمل المسؤولية عن الالتزامات. والذي لم يتم الوفاء به.
وقالت الناشطة البيئية سعدية الصالحي في حديثها لـ”الحال نت” إنه رغم الوعود المتكررة من قبل بكين بالعمل على تقليل انبعاثات الكربون وغيرها مثل غاز الميثان، إلا أن الصين لا تلتزم بتنفيذ تلك الوعود في النهاية، موضحة فشلها في ذلك. تلتزم بتعهداتها لعدة أسباب. وأبرزها المنافسة الاقتصادية والاعتماد على الوقود الأحفوري المتمثل في النفط والفحم والغاز. كما ترى وجود تعقيدات سياسية يخشاها “الحزب الشيوعي” الحاكم في الصين، أبرزها الصدام مع الشركات الكبرى وارتفاع معدلات البطالة.
في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، قبل انعقاد مؤتمر COP28 في دبي، أعلنت أبرمت واشنطن وبكين اتفاقا لتكثيف العمل المشترك لمعالجة تغير المناخ، في إحياء للتعاون بين الطرفين. وجاء الاتفاق الثنائي بعد أن توصل المفاوضون إلى اتفاق إطاري لإنشاء صندوق لمساعدة الدول الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ على التعامل مع الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ الذي أصبح أكثر تطرفا.
وأعلنت بنود الصفقة كل من وزارة الطاقة الأميركية ووزارة البيئة الصينية، وسيدعم البلدان، بحسب بيان مشترك، الجهود الدولية لزيادة قدرة الطاقة المتجددة بنحو ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030. تسريع عملية البناء المحلي للطاقة الخضراء، لتحل محل طاقة الفحم والغاز، ويتضمن الاتفاق تعزيز التعاون للحد من الانبعاثات مثل انبعاثات أكسيد النيتروجين والميثان، وهي من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، بحسب بلومبرج.
بكين والشكوك حول معدلات إنتاج الفحم
ورغم إعلان وكالة الطاقة الدولية عن نسبة استخدام الصين للفحم، إلا أن الكثير من المراقبين والمهتمين بالمجال البيئي يشككون في هذه النسبة، حيث أن حكومة بكين ماهرة في إخفاء البيانات والعمل على طمس الحقائق، أسوة بما حدث بشأن إخفاء البيانات. والمعلومات المتعلقة بمصدر تفشي الوباء”. كورونا”.
وفي هذا السياق، يرى إقبال لطيف أن استخدام الصين للفحم أكبر بكثير مما أعلنته وكالة الطاقة الدولية. ولأن الصين قامت بتوسيع صناعاتها، وخاصة تلك الصناعات التي تدعمها بكين نفسها أو استثمرت في دول أخرى، فإن هذه الصناعات هي باسم تلك الدول ولكنها في الواقع تابعة للصين. ولذلك، يتعين على المجتمع الدولي أن يمارس الضغوط على الصين لإجبارها على تقليل اعتمادها على الفحم في ما يتعلق بإنتاج الطاقة، فضلاً عن الطلب عليها. وذلك من خلال تعويض الدول المتضررة من ظاهرة الاحتباس الحراري نتيجة استخدامها للفحم.
من جانبها، ترى الناشطة البيئية سعدية الصالحي أن هناك عدة وسائل للضغط على الدول التي تعتمد على الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط، من خلال مؤتمرات المناخ التي تعقد سنويا والتي تحث على التركيز على الحد من انبعاثات الكربون، مشددة على ضرورة التوازن في احتياجات توفير مصادر الطاقة نتيجة للنمو السكاني والمتطلبات الدولية للحد من انبعاثات تأثيرات تغير المناخ. إن التحول إلى الطاقة النظيفة يتطلب وقتاً، ولا يمكن أن يتم هذا التحول بين عشية وضحاها.
إن الاستخدام المتزايد للفحم في الصين يعكس تحديات عظيمة، فهو يخلق مشاكل بيئية هائلة. ومع ذلك، يرى الصالحي أن هناك أمل في التغلب على هذه المشاكل من خلال حث الصين على التحول العادل والفعال نحو استخدام الطاقة المتجددة، والعمل الجاد لتعزيز الاستثمار في التقنيات النظيفة والصديقة للبيئة.
وبشكل عام، يواجه العالم تحديات بيئية كبيرة، أبرزها ظاهرة الاحتباس الحراري، والجفاف، والفيضانات، وحرق الغابات، واختفاء التنوع البيولوجي للكائنات الحية، وغيرها. وعلى الرغم من كل ذلك، تستمر الصين في استخدام الفحم، مما يؤدي إلى زيادة انبعاثات الكربون، في حين تظل الآمال معلقة على المجتمع الدولي بالضغط على الحكومة الصينية لخفض إنتاج الفحم، بالإضافة إلى التزام الدول بمخرجات “القمة”. مؤتمر المناخ COP 28، لكن هل ستستجيب بكين؟ وهذا ما سيحدده الزمن.