أعظم آيات القرآن، تفسير آية الكرسي للشعراوي ,
تفسير آية الكرسيتعتبر آية الكرسي سيدة آيات القرآن الكريم، وهي أعظم آية في القرآن. نزلت ليلا، ودعا النبي – صلى الله عليه وسلم – زيداً ليكتبها. وروي أنه لما نزلت سقط كل صنم في العالم، وسقطت التيجان من رؤوسهم، وهربت الشياطين يضرب بعضهم بعضا. والبعض حتى جاءوا إلى الشيطان وأخبروه بذلك. فأمرهم بالتحقيق في الأمر، فأتوا المدينة وعلموا بنزول آية العرش.
آية الكرسي (سورة البقرة: 255)
قال الله تعالى في كتابه العزيز: (الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض) هل من شافع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم» سورة البقرة: الآية 255.
تفسير آية الكرسي للشيخ الشعراوي
قال الشيخ محمد متولي الشعراوي في تفسيره للآية الكريمة: المقصود بقوله تعالى: (الله لا إله إلا هو) أي أنه تعالى هو المعبود الذي توجه إليه العبادة، و(الحي) هو الله، وهي أول صفة يجب أن تكون لذلك الإله. و (القيوم) يعني أن الله هو المسؤول عن شؤون عباده، وهو القائم على شؤونهم. وكأن الوقوف مظهر من مظاهر الإشراف. لأن الواحد قد يكون واحداً واحداً، ولكن عندما يكون واحداً وغيره، يستمد منه مكانته، فهو واحد الذي هو واحد، لذلك يجب أن يكون أحد الرزاق.
وأضاف الشعراوي: ومن بعثه تعالى أنه (لا تأخذه سنة ولا نوم)، والنعاس هو النعاس الذي يأتي في أول النوم، أي النوم الخفيف. وهنا يطمئن الله عباده ويقول لهم: ناموا فإنه لا تأخذني سنة ولا نوم، فإن لي كل ما في السموات والأرض. لا شيء ولا أحد خارج عن طاقتي، ولهذا يقول الله (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ).
والكفار يجعلون شركاء لله
وتابع: معنى قوله تعالى: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) أي أن الكافرين جعلوا لله شركاء، ويقولون إن هؤلاء الشركاء هم الذين سيشفعون لنا عند الله، فيقول الله: لا تكون الشفاعة عندي إلا من أذنت له أن يشفع. الشفاعة ليست حقا لأحد، بل هي عطية من الله، لافتا إلى أن معنى قوله تعالى: (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) يعني: أن الله يعلم الغيب كله، وعلمه محيط بكل شيء، ولا يخفى عليه شيء، وأنه محيط بكل شيء، فإن الله مطلق العلم. فالعلم، وكون الله يعلم، لا ينفي كون الآخرين يعرفون أيضًا، لكن المعرفة الإنسانية هي بعض المعرفة التي أهداها الخالق لعباده.
وأوضح الشيخ أن قوله: (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء)، العلم هو الصفة التي تعلم الأشياء على ما هي عليه. وهذا هو العلم، ووصف الله وعلمه أعظم من الإحاطة بهم، لأنهم لو أحاطوا بكانوا محدودين، وكمالات الله غير محدودة، وكلمة (ولا يحيطون) هي الدقة في الأداء لأنك قد تفهم معلومة من جهة وتجهلها من جهة أخرى. فبين الله أنك لا تستطيع أن تحيط بعلم الله ولا بقدرته، لأن معنى الإحاطة أن تعلم كل شيء، ولا تحيط إلا بما أراد الله أن يحيط به.
تحدي الله للكافرين
وأشار الشعراوي إلى أن قوله تعالى: (إلا ما شاء) إذن منه سبحانه أن يتفضل على خلقه بأن يريدهم أن يعرفوا شيئا من معلومته، وهذا المعلوم كان خفيا. منها ومخفية في أسرار الكون، فيأذن الله بكشف السر، وهذا القول فيه تحدي. ومن الواضح أن البشر لو اجتمعوا لم يحيطوا بشيء إلا بإذنه.
وأوضح أن قوله تعالى: (وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤده حفظه لهما) أن معنى «عد» الشيء أي «أثقل» منه أي أنه لا يكون على الله أن يحفظ السماوات والأرض، فإن السماوات والأرض التي هي خارج نطاق رؤية الإنسان قد وسعها العرش الإلهي، وقال بعض المفسرين: لو لم يكن العرش ثقيلا له أن يحفظ السماوات والأرض، فكيف بصاحب العرش؟ وختم الله الآية بقوله: (وهو العلي العظيم) وهذا أمر طبيعي يقتضيه سياق ما ورد في الآية الجليلة آية الكرسي، و(العلي) هو العلي العظيم. واحد ليس فوقه شيء، فكل شيء تحته.