تعرف على حكم الكهانة والتنجيم في الإسلام ومدى صحَّة مقولة: “كذب المنجمون ولو صدقوا” ,
علم الفلك والتنجيم، علم الفلك يعتمد على الحس والملاحظة، وقد أوجبه الشرع ككفاية للأمة، إذ يتوقف عليه جملة من المصالح الدينية والدنيوية، والتي لا يمكن أن تتحقق إلا بمعرفته ودراسته.
حكم الكهانة والتنجيم والإيمان بهما في الإسلام
وقد نص الشرع على تحريم الكهانة، وتحريم الذهاب إلى هؤلاء والرجوع إلى أقوالهم وتصديقهم فيما يدعون، قال تعالى: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً). [النساء: 51].
قال الإمام السيوطي في “الإكليل” (ص ٩٣ طبعة دار الكتب العلمية): [في الآية ذم السِّحر والساحر والكهانة والكاهن ومصدقهما وأنه ملعونٌ] أوه.
المنجم أو المنجم هو من يدعي العلم بالأحداث أو الوقائع الأرضية التي ستقع في المستقبل، مثل الإخبار عن أوقات هبوب الرياح ونزول المطر وتغير الأسعار والسعادة والشقاء والحياة والموت وغير ذلك من معاني الأشياء التي يدعي معرفتها بحركة الكواكب في مساراتها واجتماعها وافتراقها. ويعتقد أن لكل نجم تأثير في الأحداث الأرضية. انظر: “معالم السنن” للإمام الخطابي (4/229-230، نشر المطبعة العلمية).
“والمنجم في هذا المفهوم من أصناف الكهان، فالكهانة تشمل التنجيم، والعرافة، والرمل، والخط، وغير ذلك مما يؤدي إلى ادعاء علم الغيب الذي استأثر الله به على نفسه، وكل هذا محرم شرعاً، لأنه ادعاء علم الغيب، ولا يعلمه إلا الله. انظر: “شرح المشكاة” للإمام الطيبي (9/2989، ت. مكتبة نزار مصطفى الباز)، و”رد المحتار” للعلامة ابن عابدين الحنفي (4/242، ت. دار الفكر)، و”الفواكه الدوانية” للعلامة النفراوي المالكي (2/344، ت. دار الفكر).”
قال الله تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانًا يُبْعَثُونَ}. [النمل: 65]وقال الله تعالى: (هو عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ثم يرسل من بين يديه ومن خلفه حفظة). [الجن: 26-27].
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في “فتح الباري” (13/364-365 طبعة دار المعرفة): [في الآية رَدٌّ على المُنَجِّمِين وعلى كلِّ من يَدَّعِي أنه يَطَّلِعُ على ما سيكون من حياة أو موت أو غير ذلك؛ لأنه مُكَذِّبٌ للقرآن وهم أبعدُ شيءٍ من الارْتِضا مع سَلْبِ صفة الرُّسلِية عنهم] أوه.
عن صفية رضي الله عنها، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة» رواه مسلم في «صحيحه». وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» رواه البيهقي في «السنن الكبرى»، والطبراني في «الأوسط» عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
قال الإمام القرطبي في “المفهم لما أشكالا من تلخيص كتاب مسلم” (5/ 635 طبعة دار الكلم الطيب): [العَرَّاف هو الحازِي والمنجِّم الذي يدَّعي الغيب، وهذا يدلُّ على أن إتيان العَرَّافِين كبيرة] أوه.
روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه رد على من أشار عليه بالنظر في النجوم في زحفه إلى الحرب، فقال له: لم يكن لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم منجّم، ولن يكون لنا منجّم بعده. ثم قال له: من صدقك بهذا القول فقد كذب على القرآن. ثم قال: يا أيها الناس إياكم وتعلم النجوم إلا ما يهديك في ظلمات البر والبحر، فإن المنجّم كالساحر، والساحر كالكافر، والكافر في النار. والله لئن سمعتك تنظر إلى النجوم وتعمل بها لأحبسنك ما عشت أنا وأنت، ولأحرمنك عطاياي ما بقيت سلطاناً. انظر: “الجامع لأحكام القرآن” للإمام القرطبي (19/ 29، نشر دار الكتب المصرية).
ما مدى صحة المثل القائل: (إن المنجمين يكذبون وإن صدقوا) وهل هو من الأحاديث النبوية؟
وأما القول الذي اشتهر على ألسنة الناس وهو: (إن المنجمين يكذبون وإن صدقوا) فليس من الأحاديث النبوية الشريفة، وإن صح معناه، فالمنجم يدعي علم الغيب، وليس عنده تحقق في ذلك، وإن صدق ما تنبأ به، فهو كاذب في ادعائه العلم.
عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (تنزل الملائكة في العنان، فيذكرون الأمر الذي قضي في السماء، فيسترق الشياطين السمع فيسمعونه، فيلقيونه إلى الكهان، فيكذبون به مائة كذبة من عند أنفسهم) رواه البخاري في صحيحه، وعنها رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، كان الكهان يحدثوننا… بالشيء فنجده حقًّا، قال: (تلك الكلمة الحق، يخطفها الجني فيلقيها في أذن وليه، فيزيد معها مائة كذبة) رواه مسلم في صحيحه.
الدليل: هناك نوع من الكهانة مبني على التخمين والحدس وهو التنجيم، وقد يعطي الله فيه بعض الناس قوة، وسبب خطأ هؤلاء أحياناً أن من استرق السمع من السماء استرقه ولي الكاهن من الجن ونقله إليه، وحتى لو استطاع أن يسترق السمع على معلومة صحيحة فإن ذلك لا يخرجه من الكهانة، لأنه يخلط كثيراً من الكذب فيما يسمعه، لأن تلك المعلومة إما أن تكون خطفاً من الجان وإما اتفاق القدر؛ فيخدع بها بعض الجهلة، ولهذا فإن المنجم أو الكاهن الذي يتلقى منه لا علم له بالصدق والكذب لشيوع الباطل، فيكون كاذباً بوجه عام. انظر: “إكمال المعلم” للقاضي عياض (7/ 153، ط دار الوفاء)، و””شرح صحيح مسلم” للإمام النووي (14/ 223، ط دار إحياء التراث العربي)، و”المفهم” للإمام القرطبي (5/ 633).
ولما جاء الإسلام ونزل القرآن حُفظت السماوات من الشياطين، وأُرسلت عليها النيازك، فما بقي من خفاءها إلا ما خطفته المخلوقات العليا وألقته قبل أن يصيبها النيزك، ويدل على ذلك قول الله تعالى: (ولقد زينا السماء الدنيا بزينة من كواكب وحفظاً من كل شيطان مارد، إنهم لا يستمعون إلى الملأ الأعلى، ويُقذفون من كل جانب دافعين، ولهم عذاب مقيم، إلا من خطف خطفاً فأتبعه ثالث). [الصافات: 6- 10]انظر : “فتح الباري” للحافظ ابن حجر العسقلاني (10/217).
“ومن ما يروى تكذيباً للمنجمين وإبطالاً لما هم عليه: أنه في سنة (582هـ) اتفق المنجمون في جميع الأمصار على خراب العالم في شعبان بطوفان ريح كريح عاد على زعمهم، وذلك حين التقت الكواكب الستة في الميزان، فأرعبوا بذلك ملوك الفرس والروم، فجعلوا يحفرون الكهوف وينقلون إليها الماء والزاد ويتأهبون، فلما جاء الليل الذي أشاروا إليه واتفقوا عليه أوقدت الشموع ولم تتحرك، ولم ير مثله ليل في سكونه وهدوءه.” رواه العماد الأصفهاني في «البستان الجامع لتواريخ أهل الزمان» (ص٤٢٧، ط المكتبه العصرية)، كما ذكرها الإمام الذهبي في «العبر في خبر من غبار» (٣/ ٨٤، ط دار الكتب العلمية)، والإمام ابن كثير في “البداية والنهاية” (12/ 319، ط دار الفكر).
حكم تعلم علم الفلك والفرق بينه وبين التنجيم
إن علم الفلك مبني على الحس والملاحظة، فهو يتعلق بقوانين الكون، وملاحظة مواضع الأجرام السماوية وحركاتها، كالشمس والقمر والكواكب والنجوم، وهو علم نافع تقوم عليه مصالح دنيوية، مثل معرفة الطرق والاتجاهات، وينتفع به المزارعون، ويعرف به مطالع الشهور وعدد السنين وفصول السنة، كما تقوم عليه مصالح دينية، مثل تحديد مواقيت الصلاة والصيام والحج، ومعرفة اتجاه القبلة وغير ذلك من الأمور الدينية، ولهذا أصبح من فروض الكفاية، وتأثم الأمة كلها إذا لم يكن هناك من يعرفه، إذ يتوقف عليه جملة من المصالح الدينية والدنيوية، ولا يمكن تحقيقها إلا بمعرفته ودراسته.
وقد ذكر القرآن الكريم ضرورة هذا العلم في الشريعة الإسلامية فقال تعالى: (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر) . [الأنعام: 97]وقال تعالى: {وَآيَاتِ وَالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}. [النحل: 16]وقال تعالى: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب). [يونس: 5]وقال تعالى: {ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج}. [البقرة: 189].
قال الإمام ابن كثير في تفسيره (3/273 طبعة دار الكتب العلمية): [قوله: ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا﴾ أي: يجريان بحساب مقنَّن مقدَّر، لا يتغيَّر ولا يضطرب، بل كلٌّ منهما له منازل يسلكها في الصيف والشتاء، فيترتب على ذلك اختلاف الليل والنهار طولًا وقصرًا] أوه.
وقد أجاز فقهاء المذاهب الأربعة الاعتماد على علم الفلك في تحديد مواقيت الصلاة واتجاه القبلة وغير ذلك، وهو من الأدلة القطعية التي اعتمدت عليها الأمة قديماً وحديثاً. انظر: حاشية رد المحتار للعلامة الحنفي ابن عابدين (1/430 وما يليه، ط دار الفكر)، ومواهب الجليل للإمام الحطاب المالكي (2/388، ط دار الفكر)، وأسرى المطالب لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (1/138، ط دار الكتاب الإسلامي)، والمغني للإمام ابن قدامة الحنبلي (1/319، ط مكتبة القاهرة).
لذلك: فإن علم الفلك مطلوب شرعاً لأنه مبني على قوانين قطعية مستمدة من تهذيب الله للكون، بخلاف علم التنجيم الذي يقوم على ادعاء العلم بالأمور الغيبية سواء كانت في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، كما أن المنجم يحاول أن يربط بين حركة النجوم والسماوات وبعض الأحداث التي تقع على الأرض، فيربط بين المؤثر والمؤثر، وليس هناك مؤثر في الكون إلا الله.
“قال الخطابي في “”معالم السنن”” (4/230، طبعة المطبعة العلمية) تعليقاً على حديث الباب:” [أمَّا علم النجوم الذي يدرك من طريق المشاهدة والحسِّ الذي يعرف به الزوال ويعلم به جهة القبلة فإنه غيرُ داخلٍ فيما نهي عنه] أوه.
نقدم لكم من خلال الموقع (حق النقض)، تغطية ومراقبة على مدار 24 ساعة اسعار الذهب, اسعار اللحوم , أسعار الدولار , أسعار اليورو , معدل التحويل , اخبار الرياضة , اخبار مصر, أخبار الإقتصاد , اخبار المحافظات , أخبار السياسة, اخبار الحوادث يقدم فريقنا تغطية حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل: الدوري الممتاز , الدوري الإيطالي , الدوري المصري, دوري أبطال أوروبا , دوري أبطال أفريقيا , دوري أبطال آسيا وأحداث مهمة و سياسة أجنبي والداخلية، بالإضافة إلى النقل الحصري لـ اخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.