يعد مرض التوحد من الأمراض الشائعة التي تثير الخوف والقلق لدى الآباء، وهو مشكلة تؤثر على الجهاز العصبي للطفل ونموه وتطوره. حيث يؤثر على طريقة تواصلهم وسلوكهم وتفاعلهم مع الآخرين، وهو يختلف من طفل لآخر. ومن الممكن أن تختلف قدرات الأطفال المصابين بالتوحد بشكل كبير. لذلك عزيزي القارئ لتتعرف معنا أكثر على مرض التوحد لدى الأطفال الأسباب والأعراض وطرق العلاج، وكيف يؤثر التوحد على الأطفال؟ وعلاج النطق واللغة للأطفال المصابين بالتوحد عليك بمتابعة هذا المقال.
شاهد أيضًا: مشاكل صحية يمكن أن تواجه الأطفال حديثي الولادة
ما هو مرض التوحد
يشير التوحد أو اضطراب طيف التوحد (ASD) إلى مجموعة واسعة من الحالات التي تتميز بالاضطرابات في المهارات الاجتماعية والسلوكيات المتكررة والكلام والتواصل غير اللفظي. حيث يوجد العديد من الأنواع الفرعية للتوحد ويتأثر معظمها بمجموعة من العوامل الوراثية والبيئية. ونظرًا لأن التوحد هو اضطراب طيفي، فلكل شخص من الأشخاص المصابين بالتوحد مجموعة متميزة من نقاط القوة والاضطرابات.
ومن الممكن أن تتراوح الطرق التي يتعلم بها الأطفال المصابون بالتوحد والتفكير في حل المشكلات المختلفة من المهارات العالية إلى الاضطرابات الشديدة. وقد يحتاج بعض الأطفال المصابين بالتوحد إلى دعم كبير في حياتهم اليومية. بينما قد يحتاج البعض الآخر إلى دعم أقل. وفي بعض الحالات يعيشون بشكل مستقل تمامًا. كما قد تؤثر عدة عوامل على تطور مرض التوحد.
غالبًا قد يكون مرافقًا له حساسية حسية ومشكلات طبية، مثل: اضطرابات الجهاز الهضمي أو اضطرابات النوم، ومشكلات الصحة العقلية مثلًا القلق والاكتئاب. عادةً تظهر علامات التوحد خلال السنوات الثلاث الأولى من حياة الطفل. كما وتشير الأبحاث إلى أن التدخل المبكر يؤدي إلى نتائج إيجابية لاحقًا للأطفال المصابين بالتوحد.
أسباب مرض التوحد لدى الأطفال
نحن نعلم أنه لا يوجد سبب واحد للتوحد. وتظهر الدراسات إلى أن التوحد يتطور من مجموعة من التأثيرات الجينية وغير الجينية أو البيئية. تزيد هذه التأثيرات من خطر إصابة الطفل بالتوحد. مع ذلك من المهم أن تضع في اعتبارك أن زيادة المخاطر ليست هي نفسها السبب. على سبيل المثال يمكن أيضًا العثور على بعض التغييرات الجينية المرتبطة بالتوحد لدى الأشخاص غير المصابين بهذا الاضطراب. وبالمثل لن يُصاب بالاضطراب كل من يتعرض لعامل الخطر البيئي للتوحد.
- عوامل الخطر الجينية للتوحد: توضح الأبحاث على أن التوحد يميل إلى الانتشار في العائلات. حيث قد تزيد التغييرات في جينات معينة من خطر إصابة الطفل بمرض التوحد. إذا كان أحد الوالدين يحمل واحدًا أو أكثر من هذه التغييرات الجينية فقد يتم نقلها إلى الطفل (حتى لو لم يكن الوالد مصابًا بالتوحد). وقد تظهر هذه التغييرات الجينية تلقائيًا في الجنين المبكر أو الحيوانات المنوية أو البويضة التي تتحد لتكوين الجنين. وإن معظم هذه التغييرات الجينية لا تسبب التوحد في حد ذاتها بل تزيد من خطر الإصابة بهذا الاضطراب.
- عوامل الخطر البيئية للتوحد: تظهر الأبحاث أن بعض التأثيرات البيئية قد تزيد أو تقلل من خطر التوحد لدى الأشخاص المعرضين وراثيًا للاضطراب. لكن الزيادة أو النقصان في مخاطر الإصابة بالتوحد قد تكون صغيرة بالنسبة لأي من عوامل الخطر التالية:
- ارتفاع الخطر في حالات: العمر المتقدم لأحد الوالدين، مضاعفات الحمل والولادة (انخفاض الوزن عند الولادة، حالات الحمل المتعددة بتوأم أو أكثر)، تباعد فترات الحمل عن أقل من عام.
- انخفاض المخاطر: عند أخذ فيتامينات ما قبل الولادة التي تحتوي على حمض الفوليك في فترة الحمل أو قبل الحمل. كما لا يوجد تأثير على مخاطر الإصابة بالاضطراب عند أخذ اللقاحات (تطعيمات الأطفال). حيث أجرى العلماء أبحاث لتحديد ما إذا كان هناك أي صلة بين اللقاحات والتوحد، وتَبين في نتيجة الأبحاث أن اللقاحات لا تسبب التوحد.
- الاختلافات في بيولوجيا الدماغ: كيف تؤدي هذه التأثيرات الجينية وغير الجينية إلى التوحد؟ يبدو أن معظمها يؤثر على الجوانب الأساسية لنمو الدماغ المبكر. ومن الممكن أن يؤثر بعضها على كيفية تواصل الخلايا العصبية في الدماغ مع بعضها البعض. أما البعض الآخر يؤثر على كيفية تواصل مناطق كاملة من الدماغ مع بعضها البعض.
شاهد أيضًا: علامات التوحد عند الطفل الرضيع أهم أسبابه
أعراض مرض التوحد لدى الأطفال
تبدأ أعراض التوحد في الطفولة المبكرة على الرغم من أنه قد لا يتم التعرف عليها، وقد تستمر وتتداخل في الحياة اليومية. ومن الأعراض الأساسية للتوحد هي: تحديات التواصل الاجتماعي والسلوكيات المقيدة والمتكررة. حيث يقوم المتخصصون بتشخيص التوحد باستخدام قائمة مراجعة من المعايير بناءً على الفئتين السابقتين. كما يقومون بتقييم شدة أعراض التوحد حيث يعكس مقياس شدة التوحد مقدار الدعم الذي يحتاجه الطفل لوظائفه اليومية. ويعاني الكثير من المصابين بالتوحد من مشاكل حسية. عادةً تتضمن هذه المشاكل: الحساسية المفرطة أو المنخفضة للأصوات، والأضواء واللمس، والروائح، والتذوق، والألم، والمحفزات المختلفة الأخرى. كما يرتبط التوحد بمعدلات عالية من بعض الحالات الصحية والجسدية والعقلية. ومن أعراض التوحد نذكر:
- مهارات التواصل الاجتماعي: يواجه الأطفال المصابون بالتوحد صعوبةً في التواصل اللفظي وغير اللفظي. مثلًا:
- قد لا يفهمون أو يستخدمون اللغة المنطوقة حوالي ثلث المصابين بالتوحد تواصلهم غير لفظي ونبرة الصوت بشكل مناسب.
- يستخدم القليل من الإيماءات.
- تجنب الاتصال بالعين.
- لا يظهر تعابير الوجه.
- ويمكن أن تشمل الاضطرابات الاجتماعية الإضافية صعوبة في: التعرف على العواطف والنوايا.
- لا يلاحظ عندما يتأذى الآخرون أو يحزنون.
- صعوبة في فهم مشاعر المرء والتعرف عليها.
- السلوكيات المقيدة والمتكررة: تختلف السلوكيات المقيدة والمتكررة بشكل كبير عبر طيف التوحد. يمكن أن تشمل:
- حركات الجسم المتكررة مثل الاهتزاز، الدوران، الجري ذهابًا وإيابًا.
- الاستخدام المتكرر للغة مثلًا تكرار المحادثات.
- التحديق في الأضواء أو الأشياء الدوارة.
- السلوكيات الحركية المتكررة مثل تكرار لمس الأشياء بترتيب محدد، تدوير الأشياء.
- الاهتمام في مواضيع محددة.
- الحاجة إلى روتين غير متغير. مثلًا اتباع نفس الجدول اليومي وقائمة الوجبات والملابس.
شاهد أيضًا: أعراض التوحد عند الاطفال بعمر خمس سنوات
علاج مرض التوحد لدى الأطفال
يوجد العديد من العلاجات لمرض التوحد لكن لا يوجد علاج محدد له ولا يوجد علاج واحد يمكنه أن يخفف من الأعراض الأساسية للتوحد أيضًا. مع ذلك هناك علاجات وأدوية يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي كبير على الأطفال. حيث يستفيد الكثير من المصابين باضطراب طيف التوحد من العلاج بغض النظر عن عمرهم عند تشخيصهم. بالإضافة إلى أن العلاجات والأدوية يمكن أن تسبب ضررًا بالفعل. وبشكل عام أفضل ما يمكن إجراءه لعلاج للأطفال المصابين بالتوحد هو:
- البدء في أقرب وقت ممكن.
- توفيره بشكل مكثف لعدة ساعات في الأسبوع.
- توفير العلاجات من قبل معالج مؤهل يتواصل مع طفلك بشكل جيد.
- من المهم جعل الطفل يستمتع بالعلاج.
- معالجة الأعراض الأساسية للتوحد: المهارات الاجتماعية، الضعف الحسي، التنظيم العاطفي، التواصل اللفظي وغير اللفظي، التحديات الجسدية، ومهارات اللعب، وقضايا الانتباه، وقضايا المزاج أو التركيز.
حيث يوجد العديد من الخيارات المتاحة والعديد من العلاجات التي يمكن أن تعمل بشكل جيد لأي طفل معين. غالبًا ما تختلف العلاجات والتدخلات الأكثر فاعلية من طفل لآخر. مع ذلك فإن معظم الأطفال المصابين بالتوحد يستجيبون بشكل أفضل للبرامج المتخصصة وعالية التنظيم. في بعض الحالات قد يقلل العلاج بشكل كبير من الأعراض، ويساعد الأطفال المصابين بالتوحد في الأنشطة اليومية المختلفة.
شاهد أيضًا: فوائد الجزر لأطفال التوحد وطريقة تقديمه
علاج النطق واللغة للأطفال المصابين بالتوحد
يمكن أن يساعد علاج النطق واللغة الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد (ASD) على تحسين قدراتهم على التواصل والتفاعل مع الآخرين من خلال:
- المهارات اللفظية: يمكن أن يساعد هذا النوع من العلاج بعض الأطفال في تحسين مهاراتهم اللفظية والمنطوقة مثلًا: تسمية الأشخاص والآباء بشكل صحيح، شرح أفضل للعواطف والمشاعر، تحسين وتيرة الكلام، استخدام الكلمات والجمل بشكل أفضل.
- التواصل غير اللفظي: يمكن أن يُعلم علاج النطق واللغة مهارات الاتصال غير اللفظي مثلًا: استخدام لغة الإشارة أو إشارات اليد، واستخدام رموز الصور للتواصل.
ويمكن أن تتضمن أنشطة علاج النطق واللغة أيضًا طرقًا لتحسين المهارات والسلوكيات الاجتماعية، على سبيل المثال: يتعلم الطفل كيفية إجراء اتصال بالعين أو عن طريق الوقوف على مسافة مريحة من شخص آخر. مع العلم إن هذه المهارات تجعل التفاعل مع الآخرين أمرًا أسهل قليلًا.
كيف يؤثر مرض التوحد على الأطفال
قد لا يصل الأطفال المصابون بالتوحد إلى نفس المقاييس التنموية مثل أقرانهم. ومن الممكن أن يظهروا فقدان المهارات الاجتماعية أو اللغوية التي تم تطويرها بشكل مسبق.
على سبيل المثال قد يستمتع الطفل غير المصاب بالتوحد البالغ من العمر 4 سنوات في المشاركة بالأنشطة مع الأطفال الآخرين. بينما قد يواجه الطفل المصاب بالتوحد صعوبة في التفاعل مع الآخرين أو أنه قد يكره ذلك.
ومن الممكن أن يندمج الطفل المصاب بالتوحد في سلوكيات متكررة أو يجد صعوبة في النوم أو يأكل بشكل قهري عناصر غير مفيدة له. وقد يجد صعوبة في التقدم بدون بيئة منتظمة أو روتين ثابت. وقد تضطر عزيزي القارئ إلى مراقبة طفلك المصاب بالتوحد عن كثب مع معلميه لضمان نجاحه في دراسته.
في نهاية مقالنا نشير إلى أن الوعي تجاه مرضى التوحد مهم جدًا، ويلزم الاهتمام والتعاطف والفهم والإدراك بأن اضطراب طيف التوحد يختلف من طفل لآخر. ومن الممكن أن تنجح بعض العلاجات والأساليب مع بعض الأطفال دون غيرهم.